يقف الشعب الفلسطيني على عتبة مرحلة صعبة وحرجة، سواء لجهة الوضع الصحي الحرج والصعب الذي وصل إليه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي يرقد بين الحياة والموت في مستشفى بيرسي العسكري في فرنسا، أو لجهة الظرف الصعب الذي تواجهه القضية الفلسطينية والانتفاضة التي دخلت عامها الرابع على أمل تحقيق الحلم الفلسطيني وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهو الحلم الذي كان يأمل الرئيس الفلسطيني عرفات أن يتحقق وترفع زهرة من زهرات فلسطين العلم الفلسطيني على أسوار القدس.
على مدى نصف قرن تقريباً لم يعرف الشعب الفلسطيني زعيماً أو قائداً سوى عرفات الذي قاد انطلاقة الثورة الفلسطينية في عام 5691، وحمل القضية الفلسطينية ورفاقه في المنافي بدءاً من الانطلاقة الأولى مروراً بالأردن إلى لبنان وتونس ثم دخوله إلى الأراضي الفلسطينية بعد توقيع اتفاقيات أوسلو الشهيرة التي نصت على إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية جنباً إلى جنب على أمل إنهاء نزاع يعتبر الأطول في العصر الحديث، لاشك أن دخول عرفات في غيبوبة والوضع الصحي الحرج الذي وصل إليه يحتم على الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه وقياداته وتنظيماته الاستعداد لمرحلة ما بعد عرفات، ووضع السنوات الطويلة من النضال الفلسطيني ودماء الشهداء الطاهرة التي سالت على مدى نصف قرن كمشهد أساسي للمرحلة القادمة والسير على طريق تحقيق الحلم الفلسطيني الذي ناضل من أجله عرفات ورفاقه، وهذا الحلم لن يتحقق إلا بوضع الوحدة الفلسطينية في مقدم الأولويات واعتبارها الخط الأحمر الذي لا يحب أن يتخطاه أو يتجاوزه أحد.
الشعب الفلسطيني قادر على تجاوز المحنة، وقد تجاوز الكثير من المحن والعقبات على مدى السنوات الخمسين الماضية وأثبت هذا الشعب بإيمانه بقضيته وحسه الوطني أنه فوق كل الآلام وينهض دائماً ليواصل مسيرة التحرر والاستقلال من نير استعمار يريد أن يستأصله من الوجود·
غياب عرفات بالتأكيد سيترك فراغاً كبيراً، ولكن قيادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير والتنظيمات الفلسطينية بكل ألوانها وأطيافها تدرك تماماً خطورة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية في هذا الوقت بالذات الذي يدعو الجميع إلى رص الصفوف ووضع المصلحة الوطنية فوق الجميع.