قبل أن يبدأ البرلمان الإسرائيلي مناقشاته الماراثونية حول الانسحاب من قطاع غزة، ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون كلمة شرح فيها لأعضائه أهمية خطة الانفصال لمستقبل الدولة العبرية، وقال إن تلك الخطة تعزز مكانة إسرائيل وكذلك سيطرتها على المناطق "الضرورية" لها. واستهل شارون كلمته بقوله:"إن إسرائيل بصدد لحظة مصيرية وعليها حسم قضية "الانسحاب" من قطاع غزة. وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن الأهمية البالغة التي تنطوي عليها القضية المطروحة بالنسبة لمستقبل إسرائيل تضاهي مدى الصعوبة والألم والخلاف الذي أثارته بين الأوساط الإسرائيلية! وأبدى شارون في كلمته تفهمه وتضامنه مع "أسى ومعاناة آلاف الإسرائيليين الذين يعيشون في قطاع غزة منذ سنوات طويلة"، مشيرا أنه كان واحدا من أولئك الذين شاركوا في تعمير تلك المستوطنات، مؤكدا أن إخلاء المستعمرات/"المستوطنات"، "سيقلل من درجة العداء"، وستعود إسرائيل إلى "طريق السلام مع الفلسطينيين". وكما هو متوقع، تعرض شارون للكثير من المقاطعات خلال إلقاء كلمته في الكنيست. وبمقتضى الخطة، ستسحب إسرائيل كل المستعمرين/ "المستوطنين" من قطاع غزة بالإضافة إلى القوات العسكرية التي تحمي المستعمرات كجزء من الخطة ولكنها ستظل مسيطرة على حدود القطاع والسواحل والمجال الجوي. كما تقضي الخطة بإخلاء أربع مستعمرات معزولة تقع في الضفة الغربية، علما بان كل التصريحات اللاحقة من شارون ومن مدير مكتبه السابق فايسغلاس أكدت على ما "يرقى"، أو بالأحرى يهبط، إلى ما أحب الإشارة إليه على شكل شاروني جديد"غزة مقابل الضفة"!
وكما كان متوقعا منذ البداية، ونتيجة لتحالفات شارون غير المكتوبة مع حزب العمل، صادق الكنيست مساء يوم الثلاثاء 26/10/2004 على خطة الانفصال الأحادي الجانب من قطاع غزة وذلك بأغلبية (67) صوتا مقابل (45) بينما امتنع سبعة أعضاء عن التصويت. وقد تم التصويت على الخطة بينما كان الآلاف من المستعمرين/"المستوطنين" وأبناؤهم يتظاهرون خارج مقر البرلمان الإسرائيلي احتجاجا على الخطة. وتعد هذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها الحكومة الإسرائيلية مبدأ إخلاء المستعمرات في الأراضي الفلسطينية المحتلة للتصويت. وقد أيدت الولايات المتحدة الأميركية الخطة ووصفتها بأنها مفيدة لخريطة الطريق وأنها "خطوة في الاتجاه الصحيح". وقد نفذ شارون تهديده بفصل كل وزير من وزرائه يصوت ضد الخطة واستدعى بعد التصويت كلا من الوزير عوزي لنداو ونائب الوزير ميخائيل راتسون اللذين صوتا ضد خطة الانفصال وسلمهما كتابيّ فصلهما من الحكومة. ويشار إلى أن كلا من الوزراء بنيامين نتنياهو واسحق نافيه والوزيرة ليمور ليفنات قد تغيبوا في اللحظات الأولى لعملية بدء التصويت وصوتوا إلى جانب الخطة بعد إجراء التصويت للمرة الثانية، علما بأنهم كانوا قد أنذروا رئيس الحكومة بعدم التصويت في حال عدم الموافقة على مطلب إجراء استفتاء عام حول الخطة.
كان زعيم حزب "المفدال" الوزير زفولون أورليف قد أعلن قبل لحظات من موعد التصويت بشأن الانفصال أن حزبه سينسحب من الحكومة إذا لم يتم إجراء استفتاء حول خطة الانفصال خلال 14 يوما. ومن جهته، ومع استمرار وتزايد الضغوط عليه، يصر رئيس الحكومة شارون حتى اللحظة على موقفه المعارض لإجراء الاستفتاء. ومن هنا، فإن مرحلة ما بعد التصويت على الخطة هي الأصعب لأن الطريق إلى تطبيق الخطة على الأرض لا يزال طويلا، لا سيما إثر ارتفاع الأصوات من داخل الحزب الحاكم "الليكود" المطالبة بإجراء استفتاء عام حتى بعد إقرار الخطة والمصادقة عليها في الكنيست. وقد أكد شارون مجددا أن موقفه من مسألة إجراء استفتاء لم يتغير قائلا إن موقفه كان دوما واضحا للجميع. وقال شارون في معرض تطرقه إلى تهديد حزب "المفدال" بالانسحاب من الحكومة: "لم أر أحدا يقوم بالانسحاب، حاليا، ولكنني لا أفرض على أحد البقاء داخل الحكومة". ومن جهته، انضم وزير المالية بنيامين نتنياهو إلى الإنذار الذي وجهه حزب المفدال إلى الحكومة بخصوص إجراء استفتاء عام حول الانفصال وأمهل الوزير نتنياهو –باسمه وباسم ثلاثة وزراء آخرين- رئيس الحكومة مدة أسبوعين لأجراء الاستفتاء وإلا كما قال:"لن نستطيع البقاء في الحكومة".
وفي شرحه لموقفه وموقف "المتمردين" في الحكومة والليكود، قال الوزير نتنياهو خلال مؤتمر صحفي عقده في الكنيست بعد إقرار الخطةإنه:"على ضوء قرار حزب المفدال، سارع إلى طلب لقاء مع رئيس الحكومة قبل التصويت بعدة دقائق إلا أن طلبه رفض. لا نسعى إلى إسقاط أو استبدال أي شخص من منصبه، ما يهمنا هو إجراء استفتاء عام وإلا سيقع شرخ كبير. إننا نسعى إلى فرصة للوحدة –وحدة الليكود- ووحدة الشعب لا إلى انقسامه. لن نؤيد العملية إلا إذا رافقها استفتاء عام حتى لا يقع شرخ في صفوف الشعب وحتى لا يتفكك الليكود. يجب منح الفرصة من أجل الوحدة. لسنا مشغولين بتنظيم التمرد وإنما بتحديد المواقف. ومما لا شك فيه أن الخطة وإن كان الكنيست قد وافق عليها، إلا أنها تسببت ف