الانتخابات الرئاسية الأميركية بكل ما يدور فيها من شد وجذب تعطى للعالم مثالاً في تطبيق المعايير الديمقراطية، خاصة في مجتمع رأسمالي كبير كالموجود في الولايات المتحدة. جماعات المصالح والتكتلات واللوبيات تمارس ضغوطها على مرشحي الرئاسة كي تضمن عدم المس بمصالحها من جهة وفي الوقت نفسه كي تعزز دورها على الساحة السياسية كقوة فاعلة ومؤثرة في عملية صنع القرار.
وعادة ما نجد قبيل الانتخابات الأميركية ظهوراً للأقليات الاثنية كالأفارقة الأميركيين والعرب الأميركيين وذوي الأصول اللاتينية وكل أقلية تحاول مغازلة أحد مرشحي الرئاسة مقابل الحصول على وعود بحماية حقوقها وصيانة مكتسباتها. الظاهرة الملفتة جداً في الانتخابات الرئاسية الأميركية هي استطلاعات الرأي التي تتدفق نتائجها على وسائل الإعلام لتضع المراقبين في حيرة، وتجعل كثيرين يتشككون في ثبات موقف الناخب الأميركي، أو ربما سلبيته وعدم وضوح موقفه من الانتخابات الرئاسية.
ومن الجوانب التي تثير الإعجاب في الانتخابات الرئاسية الأميركية المناظرات التليفزيونية الثلاث التي تحدد الإطار العام والرؤية الشاملة لكل مرشح، وهو ما يأتي عبر الإجابة على التساؤلات التي يتم طرحها خلال المناظرات، ليكون الرأي العام هو المقياس الحقيقي لمدى تماسك موقف كل مرشح، ومن ثم نلحظ تغيراً في نتائج استطلاعات الرأي بعد هذه المناظرات التي عادة ما تسبق الانتخابات الرئاسية بأيام قليلة.
ومن الجوانب المهمة في الانتخابات الأميركية الجولات التي يقوم بها كل مرشح عبر الولايات الأميركية ليطرح وجهة نظره وأجندته السياسية والاقتصادية، وهو ما يجعل الناخب على إطلاع مباشر بموقف مرشحي الرئاسة. وبغض النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإن التجربة الأميركية في تطبيق الديمقراطية لا تزال تحمل في طياتها عناصر ايجابية يتعين على دول العالم تطبيقها أو على الأقل انتهاج وسائل مماثلة لها تتلاءم وطبيعة كل دولة على حدة.
فادي محمود - بوسطن