خسارة الأميركيين.. هزيمة هيلاري
في موسم الصيف الذي تشح فيه الأخبار بسبب ذهاب السياسيين للعطلة، تتاح للصحفيين فرصة الكتابة في موضوع أثير على قلوبهم لطالما أرادوا طرقه، لكنهم لم يكونوا يجدون الفرصة السانحة لذلك وسط زحمة الأخبار. وبينما ينخرط البعض الآخر، وأنا منهم، في محاولة الإجابة على أسئلة افتراضية من قبيل: هل كان سيفوز هتلر في الحرب العالمية الثانية لو ترك روسيا في سلام؟
المدون بمجلة «ماذر جونز»، كيفن درام، أثار مؤخراً خيالي الافتراضي عندما كتب يقول: «ليست لدي أي مشاكل مع سياسة هيلاري الداخلية. غير أني لم أصدق يوماً أنها تفهم الحزب الجمهوري أفضل من أوباما وأنها بالتالي كانت ستحقق أشياء أكثر لو فازت في انتخابات 2008، لكني لا أعتقد أنها كانت ستحقق أشياء أقل في الوقت نفسه».
بيد أني أختلف بشدة مع هذا الرأي، إذ أعتقد أن هيلاري كانت ستكون أكثر حذراً عند التعامل مع الجمهوريين، وبالتالي أكثر نجاحاً من بعض النواحي. وعلى الأقل، فإنها ما كانت ستواجه نفس المستوى من المعارضة الشديدة التي يواجهها أوباما اليوم في الكونجرس.
وأعتقد أن الليبراليين حقاً لا يفهمون عاطفياً إلى أي مدى ساهم إصلاح الرعاية الصحية، المعروف باسم «أوباماكير»، في خلق «حركة الشاي». فمن وجهة نظر الحركة، الأمر يتعلق ببرنامج غير شعبي كان ينبغي أن يتم وأده بالطريقة نفسها التي تم بها وأد مشروع «خصخصة الضمان الاجتماعي» وللأسباب نفسها: لأن السياسيين العقلاء رأوا أنه بغض النظر عن مدى رغبة بعض الأميركيين فيه، فإنه لا ينسجم مع ما تريده أغلبية البلاد.
كانت مشاعر الغضب مشابهة لتلك التي شعر بها التقدميون عندما كانوا يرون بوش الابن يدفع البلاد نحو حرب في العراق، وهو ما كان يميّز الحركة المعارضة للحرب ويحركها. صحيح أن أولئك الأشخاص كانوا سيكرهون الجمهوريين حتى في حال لم تكن ثمة حرب العراق؛ لكنهم ما كانوا سيكونون بنفس الغضب وبنفس التنظيم أو بنفس القوة بدون نشوب الحرب.
الليبراليون يميلون إلى وصف هذا الغضب باعتباره عنصرية، وباعتباره كراهية غير معقولة لأوباما، أو باعتباره فرحاً مَرضياً بحرمان الفقراء من الرعاية الصحية، لكن الأمر يتعلق في الأصل بشعور أكثر بساطة: أن بلدك يرتكب خطأ وأنت لا تستطيع منعه لأن الأشخاص المسؤولين يتجاهلون ما هو واضح وبديهي. صحيح أن كثيراً من المال والجهد ضخ في «حركة الشاي» من قبل مؤيديها الأغنياء، لكن هؤلاء لا يستطيعون خلق حملة على مستوى القواعد الشعبية إلا إذا كان الغضب موجوداً في الناخبين.
وشخصياً، أعتقد أن هيلاري كانت ستتراجع بعد أن يحذرها رام إيمانويل من أن المشروع خاسر سياسياً وينصحها بالتخلي عنه. والأرجح أيضاً أنها ما كانت ستقترح إصلاحاً طموحاً لقطاع الرعاية الصحية؛ ولعلها كانت ستكتفي بشيء أكثر تواضعاً مثل توسيع برنامج «ميديك-إيد».
وقد يقول بعض التقدميين إنهم يفضلون العامين الأولين لإدارة أوباما، متبوعين بجمود سياسي، على إنجازات مستمرة وأكثر تواضعاً لإدارة هيلاري. لكني أعتقد أن ذلك كان سيمثل نتيجة أفضل بكثير بالنسبة للجميع. وعليه، فإليكم فكرتي الافتراضية لهذا الصيف: لو فازت هيلاري، لما كان «أوباماكير» سيوجد، ولكان الديمقراطيون –ومعهم البلاد– أفضل حالا.