قراءة أسترالية في الأزمة العراقية.. وإشادة هندية بالانتخابات التركية تأزم الوضع السياسي والأمني في العراق، وفوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية التركية، ومحنة المدنيين العالقين في شرق أوكرانيا... موضوعات نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة في الصحافة الدولية. دروس العراق صحيفة «ذي أستراليان» الأسترالية أفردت افتتاحية عددها لأمس الخميس للتعليق على الوضع المتأزم في العراق سواء من جهة الأزمة السياسية التي تعصف ببغداد هذه الأيام أو لجهة السيطرة الميدانية لتنظيم «الدولة الإسلامية» على مناطق شمال البلاد، واستهلتها بالإشارة إلى مقتطف من مذكرات وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر «سنوات البيت الأبيض» يقول فيه: إن الانتصارات العسكرية يمكن أن تكون عديمة القيمة «إلا إذا أتت بواقع سياسي يمكن أن يصمد ويستمر بعد انسحابنا في الأخير». وهذه المقولة ما زال صداها يتردد بقوة في وقت تتخذ فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها قراراً بشأن التدخل الإنساني الأكثر فعالية لمنع وقوع إبادة جماعية في شمال العراق، تقول الصحيفة التي تضيف أن بعض الانتصارات ينبغي الدفاع عنها لسنوات أو عقود، ولاسيما في المناطق الخطيرة وذات الأهمية الاستراتيجية، مشيرة في هذا الصدد إلى أنه لهذا السبب، مثلاً، ما زالت الولايات المتحدة تحتفظ بـ28 ألف جندي في كوريا الجنوبية بعد مرور 60 عاماً على الحرب الكورية. فقبل أربع سنوات، وبينما كان الرئيس أوباما ينفذ السحب التدريجي للقوات الأميركية من العراق، تقول الصحيفة، حذر كيسنجر من أن يؤدي ذلك إلى فراغ في المنطقة، مشيراً إلى أن العراق مهم بالنسبة لصراع الغرب مع «الجهاديين» المتطرفين، لافتاً إلى أن ذلك الخطر يزداد ويتعاظم جراء التوترات بين المجموعات الشيعية والسنية والموقف الهش والضعيف لمحافظات العراق الكردية. ومما لاشك فيه أن إدارة بوش ارتكبت أخطاءً فادحة في العراق، ومن ذلك تبريرها غزو هذا البلد في 2003 بدعوى حيازته لأسلحة دمار شامل تبين لاحقاً أنه لا وجود لها، وتفكيكها الجيش العراقي وسط تعجلها في محو كل أثر لنظام صدام حسين البعثي، وإعلانها الانتصار قبل الأوان أيضاً. غير أن الصحيفة ترى أن سوء تقدير أوباما للأوضاع كانت هو أيضاً له عواقب كارثية وطويلة المدى للأسف، وذلك على اعتبار أن الرئيس الأميركي ساهم في خلق الظروف المواتية للفظاعات الحالية عندما تجاهل نصيحة قائد الجيش الأميركي في العراق الجنرال «لويد أوستن» في 2011، حيث نصح هذا الأخير الرئيسَ بترك ما بين 14 ألفاً إلى 18 ألف جندي على الميدان في العراق للدفاع عن المكاسب التي تحققت وتوفير الاستقرار. ولكن من خلال إغفاله لهذه النصيحة الصادرة عن عسكري مخضرم، تقول الصحيفة، سمح أوباما لـ«الإرهابيين» المنهزمين بإعادة تنظيم أنفسهم ورص صفوفهم من جديد. إلى ذلك، أشادت الصحيفة أيضاً بعرض رئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت دعم أستراليا من أجل مساعدة أفراد الطائفة الإيزيدية المحاصَرين من قبل مقاتلي «الدولة الإسلامية» في شمال العراق، مشددةً على ضرورة ألا يتجاهل الغرب أيضاً الاضطهاد الوحشي الذي يتعرض له مسيحيو العراق في الموصل. غير أنها شددت على أنه في ما عدا المساعدة الإنسانية وبناء علاقات جيدة مع الزعماء المسلمين المعتدلين، فإن الغرب لا يمكنه أن يحل الانقسامات العميقة بين الإسلاميين المتطرفين التي تتكشف حالياً في العراق وسوريا. بيد أنه في غضون قرن من الزمن أو أكثر، عندما يُكتب تاريخ هذه النزاعات والحروب ويحلَّل دور الغرب فيه، تقول الصحيفة، ربما يكون من المنطقي الاعتقاد بأن المؤرخين سيخلصون إلى أن جزءاً كبيراً من إراقة الدماء كان يمكن تجنبه لو أن أوباما لم ينسحب بتسرع معلناً «انتصاراً» أميركياً، مشددةً على ضرورة عدم تكرار نفس الأخطاء أيضاً في أفغانستان. انتصار كبير في تركيا تحت هذا العنوان نشرت صحيفة «ذا هيندو» الهندية افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء وخصصتها للتعليق على الفوز الذي حققه أردوغان في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها تركيا يوم الأحد الماضي، وهو فوز كان كبيراً بحيث انتفت معه الحاجة لإجراء جولة ثانية. وتعتبر انتخابات الأحد الرئاسية تتمة لاستفتاء 2007 الذي سمح بانتخاب رئيس الدولة بالتصويت الشعبي، بدلاً من نظام التعيين من قبل البرلمان. الصحيفة أشارت إلى أن سنوات تركيا الأخيرة تميزت بمسار لا يخلو من تناقضات. ذلك أنه من جهة، كانت المعارضة تتحدى باستمرار قمع الحكومة للاحتجاجات، ومثال ذلك المظاهرات التي اندلعت في 2013 احتجاجاً على مشاريع تقضي بتحويل حديقة «جيزي» إلى مركز تجاري حديث. ولكن من جهة أخرى، حقق حزب العدالة والتنمية الحاكم أيضاً سلسلة متوالية من الانتصارات في الانتخابات على المستويين المحلي والوطني. وقالت إن الاستفتاءات أسفرت عن نتائج مؤيدة لتعديل الدستور الحالي الذي وضعه العسكر عقب انقلاب 1980، غير أن ما ميز الردود السياسية المختلفة هو الاستقطاب الحاد بين سكان الأرياف التقليديين المتدينين وسكان المدن المتعلمين. ومن أوجه التناقض أيضاً أن القيود التي وضعها أردوغان مؤخراً على الحريات المدنية، والكيفية التي تعاطى بها مع التحقيق في قضايا تتعلق بالفساد ربما أثرت سلباً على شعبيته بين نخب البلاد والمجتمع الدولي. غير أنه من الواضح، بالمقابل، أن النمو الاقتصادي المستديم الذي جلب الرخاء والازدهار للأتراك، والتضخم المتحكم فيه، ساهما بشكل مهم في توسيع قاعدة دعمه الكبيرة. وفي ختام افتتاحيتها، قالت الصحيفة إنه قبل وقت ليس بالبعيد كانت تركيا بلداً يرزح تحت الحكم الديكتاتوري للعسكر. أما اليوم، فإن حكم صناديق الاقتراع هو الذي ينتصر، وهذا واقع ينبغي الاعتراف به من أجل خلق مستقبل أكثر أمناً بالنسبة للبلاد، كما تقول. الأزمة في أوكرانيا هل نحن إزاء المراحل الأخيرة لجهد يروم إعادة سيطرة أوكرانيا على أراضيها أم أن النزاع الأوكراني بات بصدد التحول إلى منطق مخيف جديد مع وجود آلاف المدنيين كرهائن؟ بهذا السؤال استهلت صحيفة «لوتان» السويسرية افتتاحية عددها ليوم الخميس، وفيها قالت إن شرق أوكرانيا أصبح مسرحاً لسباق غريب ضد عقارب الساعة. فعلى الصعيد العسكري، يَعد الجنود الأوكرانيين بالقضاء بسرعة على المعسكر الموالي لموسكو في آخر معاقله في دونيتسك ولوهانسك. ولكن من جانب معاناة المدنيين، يزداد الوضع سوءاً بسرعة أيضاً، مع توالي انقطاعات التيار الكهربائي ونقص المياه والأدوية. ونتيجة لذلك، لم يعد ثمة أحد ينكر الحاجة العاجلة والملحة لتقديم المساعدة للسكان المدنيين. وعلى هذه الخلفية، اتفقت كييف وموسكو والاتحاد الأوروبي، مع موافقة واشنطن، على تقديم مساعدات إنسانية لمنطقة دونباس الواقعة شرق البلاد. وهنا فاجأت موسكو الجميع من جديد من خلال تحريكها قافلة تتألف من نحو 300 شاحنة. غير أن الصحيفة ترى أن ما كان سيقابل، في الظروف العادية، بالترحيب باعتباره استجابة دولية سريعة، يدعو في ظل الظروف الراهنة إلى القلق. وثمة ما يبرر ذلك، كما تقول. إذ إنه بعد أشهر طويلة من الأزمة مع موسكو التي ما زالت تدعم التمرد وتحشد القوات على الحدود، من الصعب تصديق أن مخططات روسيا إنسانية خالصة، مشيرة هنا إلى ما قالته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تتحدث اللغة الروسية، من أن الخطاب المزدوج لفلاديمير بوتين يدعو لتوخي الحذر. وإذا كانت الصحيفة قد قللت من شأن نظرية «حصان طروادة»، التي تذهب إلى أن الشاحنات قد تكون محمّلة بجنود النخبة أو الأسلحة، فقد اعتبرت أن ذلك قد يشكل فرصة لموسكو لوقف تقدم الجنود الأوكرانيين مؤقتاً من أجل السماح للمتمردين بإعادة تنظيم أنفسهم. وتابعت تقول إنه على حقل الألغام هذا استُدعيت اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتلعب دور الحكم بوصفها مسيِّراً للمساعدات الإنسانية وحارساً للقانون. ولكن في الوقت الراهن، تناقض المنظمة، التي تتخذ من جنيف مقراً لها، أقوال موسكو، إذ تقول إن القافلة الروسية لم يتم التحقق منها، وإنها لا تخضع لإشراف مندوبيها، لتخلص الصحيفة إلى أن مهمة الصليب الأحمر الدولي تبدو خطيرة وخاصة في وقت بات فيه التحقق من أبعاد المسألة موضع شك. إعداد: محمد وقيف