Foreign Affairs «ماذا حدث حقاً في..؟» تميز العدد الأخير من دورية «فورين أفيرز»، الصادرة عن مركز العلاقات الخارجية في نيويورك، بمجموعة من المقالات التي تحمل عنوان «ماذا حدث حقاً في..؟»، والتي سعت إما لنفي أو تأكيد ما يشاع بشأن عدد من التدخلات السياسية والمخابراتية المنسوبة إلى الولايات المتحدة في أكثر من بلد، وذلك في سياق الحرب الباردة وصراعها المحتدم مع الاتحاد السوفييتي على النفوذ والتأثير في العالم. المقال الأول حمل عنوان «ماذا حدث حقاً في إيران؟»، وهو بقلم خبير الشؤون الإيرانية «راي تقية»، وفيه سعى لتفنيد ما وصفه بالاعتقاد السائد بشأن انقلاب 1953 في إيران، والذي يرتكز حسب رأيه على فكرة مغلوطة، مؤداها أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ«سي آي إيه» هي التي أطاحت رئيس وزراء البلاد المنتخَب ديمقراطياً محمد مصدق؛ والحال أن الانقلاب كان بالأساس شأناً إيرانياً داخلياً، ودور الـ«سي آي إيه» فيه كان ثانوياً، كما يقول. وإضافة إلى إيران، تعرضت بقية المقالات للأدوار الحقيقية أو المفترضة التي اضطلعت بها الولايات المتحدة في كل من الكونجو عام 1961، وباكستان في 1971، والشيلي في 1973. وإلى ذلك، فقد ضم عدد المجلة مقالاً بعنوان «إدارة الحرب الباردة الجديدة»، لكاتبه روبرت ليجفولد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كولومبيا، وتناول فيه الأزمة المتواصلة أطوارها في أوكرانيا، والتي يبدو أنها دفعت موسكو والغرب نحو حرب باردة جديدة. وفي هذا الصدد يرى الكاتب أن الأولوية بالنسبة للجانبين يجب أن تكون هي احتواء النزاع، بما يضمن نهايته بسرعة. «اتجاهات الأحداث»: أجيال الحروب اشتمل العدد الأخير من الأكاديمية الشهرية «اتجاهات الأحداث»، على دراسات وأوراق بحثية متنوعة. فتحت عنوان «التفجير من الداخل»، ناقش شادي عبد الوهاب «الملامح الأساسية لدوامة العنف في حروب الجيل الخامس»، ليوضح ملامح الأجيال المختلفة للحروب، قبل أن يعرض حروب الجيل الخامس، والفرق بينها وبين حروب الأجيال السابقة، ذاكراً سماتها الرئيسة، وكيفية مواجهتها. وكما يقول الكاتب فإن حروب الجيل الخامس تستهدف المجتمع، وتقوم على استغلال التناقضات الموجودة في بنيته، وأوجه الضعف القائمة فيه، لإثارة سخط الشعب، ومن ثم تهديد كيان الدولة من الداخل بما يؤدي إلى تفجرها أو إضعافها في أقل تقدير. فهذا الجيل من الحروب يخوض معاركه في شتى المجالات، وليس المجال العسكري فقط، وإنما يعتمد بصورة أكبر على الحروب الاقتصادية والمالية والمعلوماتية، كما يركز على تحالف واسع يضم دولاً وجماعات وشبكات إجرامية. وتحت عنوان «ما هو مستقبل الدولة اليمنية؟»، تبين دراسة لكاتبها الدكتور فارس السقاف أن اليمن يمر بحالة فارقة ومصيرية منذ ثورة 11 فبراير 2011 التي لم تستطع إسقاط النظام كلياً، كما لم يستطع النظام إفشالها كلياً، حيث انتهت جولات المواجهة إلى تسوية سياسية من خلال المبادرة الخليجية. وبعد أكثر من عامين على تلك التسوية، يقول الكاتب، لايزال أفضل سيناريو مأمول هو تطبيق ما تم التوصل إليه في الحوار الوطني الشامل، وإنهاء وجود المليشيات المسلحة لصالح دور قوات الجيش والأمن. هذا مع وجود سيناريوهات مثيرة للتشاؤم قد تفرض نفسها في حال حدث تلكؤ في استكمال استحقاقات التسوية. لذلك فمستقبل الدولة اليمنية، كما يعتقد الكاتب، مرهون بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، والتزام الأطراف المعنية به كافة، خاصة الحوثيين وتخليهم عن استخدام السلاح لتحقيق أهدافهم، فضلاً عن نجاح الدولة اليمنية في مكافحة تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لضمان حدوث استقرار سياسي على المدى الطويل.