تستعد مدارسنا هذه الأيام لاستقبال آلاف التلاميذ الذين هجروا مدارسهم خلال فترة الإجازة الصيفية، ومع توديع المدرسة كل عام تتلاشى جل المعلومات والمهارات المكتسبة، على أمل أن يقوم المعلم في بداية العام الدراسي بإعادة شحن ذاكرة التلاميذ كي يستعدوا لانطلاقة جديدة ومفيدة بإذن الله. لكن العام الدراسي الحالي يشهد قيادة جديدة لوزارة التربية والتعليم في الإمارات. ومع شكرنا وتقديرنا لمن سبق من الوزراء، فلكل منهم إسهاماته في مسيرة التعليم بيد أن العهد الجديد له سمات تميزه عن غيره. فوزير التربية والتعليم الجديد معالي حسين بن إبراهيم الحمادي يمثل جيل الشباب هكذا وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في تغريدة التعديل الوزاري: «الوزيران الجديدان من شباب الإمارات المشهود لهما بالكفاءة». السمة الثانية في معالي الوزير أنه ذو خلفية علمية، فجل الوزراء السابقين أتوا مزودين بشهادات إنسانية، وليس في ذلك ضير، بيد أن التخصصات العلمية تجعل صاحبها أكثر دقة، ويخطط للعمل وفق معادلات قابلة للقياس محسوبة النتائج، هذا ما نعرفه عنهم، وقد سبق لي العمل مع معالي الوزير في مجلس أبوظبي للتعليم، وعرفت منه الجد والنشاط والمهنية العالية، ليس ذلك مدحاً، بقدر ما هو توثيق لما أعرفه. فمنجزات معالي الوزير التربوية تؤهله للتميز في هذا المنصب إن شاء الله، لكن العمل في وزارة التربية بحاجة إلى وقفات تمثل بعض التحديات التي أرصدها كمتخصص في التعليم. التحدي الأكبر في تصوري هو طموحات حكومة دولة الإمارات، فمعالي الوزير مطلوب منه تنفيذ رؤية الإمارات 2021، والتي رفعت للتعليم شعار (نظام تعليمي من الطراز الأول) ومن أهم أهداف تلك الرؤية : تنشئة إماراتيين ذوي شخصيات متكاملة، يغرس المعلمون فيهم قيم ديننا المعتدل وهويتنا الوطنية، ثم مناهج وطنية متطورة تزودهم بمتطلبات النجاح في عصرنا، كمهارات التفكير تحقق نتائج متقدمة في الامتحانات الدولية الموحدة. وثالثا الالتحاق بالتعليم العالي بعد العام بتقليل نسب التسرب كذلك تأمين فرص تعليم متساوية للجميع تؤدي إلى نتائج متوازنة ومن أهمها أن يحظى الإماراتيون بفرص متساوية في الحصول على تعليم من الطراز الأول. أهداف بلا شك كبيرة، وطموحات تناسب تطلعات الإمارات، لذلك أجد أن التحدي الثاني لمعالي الوزير يكمن في اختيار قيادات الوزارة بعناية فائقة تتناسب مع تلك الآمال. ومن يعرف وزارة التربية عن قرب، يعلم أن صراعات خفية بين بعض أفراد الإدارات العليا من أسباب إجهاض مشاريع التطوير السابقة، كما أن ندرة المتخصصين في مجالات التعليم المختلفة تعد نقطة خلل لابد من إصلاحها. التعليم في عهد جديد، بحاجة إلى أن يخطو للمستقبل بإدارة تعليم متخصصة حاسمة واحدة تجمع الإمارات كلها تحت مظلة الوزارة الاتحادية المشرفة على التعليم، وتمنح الإماراتيين فرصاً متساوية للنجاح وفق مناهج إماراتية وطنية موحدة عالمية الجودة، وتقويم مركزي لمخرجات التعليم، فليس من المناسب، أن تقوم كل مدرسة خاصة بتقويم التلاميذ، وإهدائهم الدرجات بما لا يتناسب مع الكفاءات، هذا الأمر يقودنا إلى نقطة في غاية الأهمية، ألا وهي تمهين وظائف التعليم، فلا ينبغي أن يكون التعليم وظيفة من لا مهنة له، أو أن يتم تعيين المعلم، وننسى التدريب المستمر له. في الإمارات تجارب تعليمية متميزة يعرفها معالي الوزير بالإمكان الاستفادة منها، وتعميمها على أرجاء الدولة المختلفة، كلمات موجزات لكنها تأتي لازمة مع بداية عهد جديد للتعليم في الإمارات.