حققت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازات ملموسة في محاربة جرائم الاتجار بالبشر، وذكر أحدث تقرير للجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، انخفاض عدد قضايا الاتجار بالبشر في الدولة العام الماضي بنسبة 59.6% في عام 2013، إذ تراجع عدد القضايا إلى 19 قضية مقابل 47 قضية في العام السابق، كأحد المكتسبات المهمة في هذا الشأن، وهي المكتسبات التي ما كانت لتتحقق من دون دعم القيادة الرشيدة، برعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ومن دون وجود استراتيجية وطنية تنظم عمل المؤسسات المسؤولة عن مواجهة هذه الظاهرة الخطرة. تعتمد الاستراتيجية الوطنية الإماراتية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر على خمسة محاور أساسية تتمثل في: الوقاية، والملاحقة القضائية، والعقاب، وحماية الضحايا، والتعاون الدولي. وفي شأن الوقاية أصدرت الدولة القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 في شأن مكافحة الاتجار بالبشر، وتم تأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر؛ للتنسيق بين الجهات المعنية على مستوى إمارات الدولة كافة، وأُطلقت حملات توعية للتثقيف المجتمعي بخطورة هذه الجريمة الدخيلة على مجتمع الإمارات، وفي هذا السياق أطلقت «إدارة التحريات والمباحث الجنائية» في «القيادة العامة لشرطة أبوظبي» مؤخراً، حملة تثقيفية لنشر مفهوم مكافحة الاتجار بالبشر على المستويين المحلي والعالمي. ونظراً لكون الاتجار بالبشر جريمة تتنافى مع تقاليد الدين الإسلامي والتقاليد والقيم الإماراتية الأصيلة، فقد غلَّظت القوانين الإماراتية العقوبات على مرتكبيها، كما عمدت قوانين الدولة كذلك إلى فرض عقوبات على المتواطئين مع مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر، وممن كان على علم بأن شخصاً آخر يخطط لارتكاب الجريمة وامتنع عن إبلاغ السلطات المختصة للتصدي لها، أو من ساعد شخصاً آخر على اقتراف هذا الجرم، سواء بالتستر أو إخفاء معلومة. كما تراعي الدولة ما يطرأ على هذه الجريمة من تغيرات، سواء في نوع الجريمة أو في أدوات ووسائل تنفيذها، التي تشهد تطوراً ملحوظاً في ظل ما يشهده العالم من تطور تكنولوجي سريع، ولذلك فقد يتم تعديل القوانين والأطر التشريعية من أجل ضمان حماية أفضل للضحايا. وفيما يتعلق بدعم الضحايا والتعاون الدولي لمحاربة جرائم الاتجار بالبشر، تولي دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية قصوى لدمج الفئات الأكثر عرضة لمثل هذه الجرائم، كالمرأة والأطفال، ضمن منظومة مكافحتها، فأصبحت المرأة الإماراتية شريكة للرجل في مواجهة هذه الظاهرة، ويتم تقديم المعلومات الإرشادية لحماية الفئات الأكثر عرضة واستهدافاً لهذه النوعية من الجرائم، لحمايتهم من الوقوع ضحايا لها. بالتوازي مع ذلك تنشئ دولة الإمارات مراكز رعاية وتأهيل وإيواء لضحايا هذه الجرائم، كملاجئ ومؤسسات إيواء النساء والأطفال، وتقدم هذه الملاجئ العديدَ من برامج الدعم والعلاج والتأهيل للضحايا. وفي نطاق التعاون الدولي تقوم دولة الإمارات بتنظيم حملات توعية لرعايا الدول الأكثر عرضة لهذا النوع من الجرائم، وذلك بالتنسيق مع دولهم، وفي الإطار الدولي أيضاً، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من أبرز المساهمين في الصندوق الائتماني الطوعي للأمم المتحدة لضحايا الاتجار بالبشر، فضلاً عن ذلك، فقد انضمت الدولة إلى العديد من الاتفاقيات والمؤسسات الدولية المختصة بمحاربة الاتجار بالبشر، وهي الآن عضو مؤسس في مجموعة «أصدقاء متحدون لمكافحة الاتجار بالبشر» في الأمم المتحدة، كما أنها تدعم الخطة العالمية للأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر، في إطار التوجه الإماراتي للقضاء على هذه الجريمة، ليس فقط على المستوى المحلي أو الإقليمي، ولكن على المستوى الدولي أيضاً. -------- عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.