انتعاش قطاع الإنشاءات الإماراتي
عديدة هي المؤشرات الدالة على عودة القطاع العقاري في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى سابق عهده من النمو والازدهار، فقد عاد الطلب على العقارات في الدولة إلى الانتعاش مستعيداً ذاكرة سنوات ما قبل الأزمة المالية العالمية، وفي هذا الصدد ذكرت «مؤسسة عجمان للتنظيم العقاري» مؤخراً أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقود الآن ارتفاع الطلب على العقارات في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأن مختلف فئات الأصول العقارية في الإمارات أصبحت موضع أنظار وطلب المستثمرين من جميع أنحاء العالم.
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد علّقت، في وقت سابق من هذا العام، على عودة القطاع المصرفي إلى إقراض مشروعات البناء والتشييد في دولة الإمارات، واستخدمت ذلك مدللة على عودة الثقة في المناخ الاستثماري بالقطاع العقاري في الدولة. وذكرت الصحيفة، مستندة إلى بيانات صادرة عن «المصرف المركزي» الإماراتي، أن نسبة الزيادة في حجم هذه القروض الموجهة إلى هذا القطاع في عام 2013 بلغت نحو 40 في المئة مقارنة بمستواها في عام 2013. وفي الإطار نفسه، توقعت مجلة «ميد» أن يرتفع حجم الإقراض الموجه إلى قطاع الإنشاءات الإماراتي خلال عام 2014 بنسبة تصل إلى نحو 14 في المئة مقارنة بمستواه في عام 2013. وهذا النمو المتواصل يمثل ترجمة واضحة لتنامي ثقة المستثمرين، ليس فقط بقطاع الإنشاءات، ولكن أيضاً بالاقتصاد الوطني ككل، لا سيما أن تحسن الثقة بقطاع الإنشاءات ما كان ليتحقق من دون ثقة متنامية أيضاً لدى المستثمرين بأن الدولة ستشهد توسعاً في الأنشطة الاقتصادية في المستقبل بالشكل الذي يكفي لاستيعاب المزيد من الأصول العقارية.
وهناك مؤشرات أخرى يمكن الاستدلال من خلالها على صحة هذا الحكم، فقد أظهرت البيانات الصادرة عن «جمعية المقاولين» الإماراتية أن الطلب على قطاع المقاولات والإنشاءات في الدولة زاد بمقدار 20 في المئة خلال الربع الأول من عام 2014، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، وتوقعت الجمعية أن يستمر القطاع في تحقيق نسب نمو مضاعفة خلال المرحلة المقبلة، مع اقتراب توقيت استضافة الدولة لـ«معرض إكسبو الدولي 2020»، الذي أعطى دفعة قوية للقطاع، وساعد على ارتفاع هامش الأرباح في مشروعات الإنشاء والمقاولات الإماراتية إلى مستويات تتجاوز مثيلاتها في دول الخليج العربية جميعها، وساعدت هذه الاستضافة كذلك الكثير من الشركات على استعادة الثقة بالسوق المحلية، والعودة إلى الاستثمار فيها بكثافة مقارنة بما كان عليه الوضع خلال السنوات الماضية، خصوصاً في بدايات الأزمة المالية العالمية التي أفقدت هذه المؤسسات الثقة بالاستثمار العقاري، وهو أمر لم يقتصر فقط على دولة الإمارات العربية المتحدة، لكنه كان أمراً شاملاً لجميع دول العالم من دون استثناء.
هذه الدلائل تشير بما لا يدع مجالاً للشكل إلى أن اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة مقدم على دورة اقتصادية جديدة، تزداد فيها وتيرة النمو، وترتفع فيها مؤشرات الأداء في القطاعات كافة، فيما يولد وفورات وهوامش جديدة أوسع على شكل فرص استثمارية أكثر ربحية، تكون متاحة أمام المؤسسات العاملة في قطاع الإنشاءات والمقاولات، الأمر الذي يدفع هذه المؤسسات بدورها إلى ضخ المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الموجة الاقتصادية التوسعية تصحبها أيضاً موجة توسعية في الطلب على العقارات لأغراض السكن؛ نظراً للزيادة المطّردة في أعداد سكان الدولة، والتحسن المستمر في مستوى المعيشة، لتصعد الإمارات من عام إلى آخر على سلم الترتيب الدولي في مؤشرات التنمية الشاملة بشكل عام.
ــ ــ ـ ـ ـ
عن نشرة أخبار "الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.