أوباما.. نصر مالي زائف
«شيء غريب حدث في الطريق نحو زيادة برامج الاستحقاق»، هذا ما جاء في تغريدة بعث بها مستشار البيت الأبيض «جون بوديستا» على «تويتر» الأسبوع الماضي، مرفقاً جدولاً يُظهر تقلص العجز الفيدرالي وتباطؤ معدل نمو التكاليف الصحية.
كان «بوديستا» يسلط الضوء على الخطاب الذي ألقاه الرئيس باراك أوباما بجامعة «نورث ويسترن» يوم الخميس، والذي أعلن فيه نصراً مالياً ونهاية «التقشف الغبي» و«الأزمات المصطنعة» لنقاشات الميزانية في واشنطن. بعبارة أخرى، عندما يتعلق الأمر بإصلاح برامج الاستحقاق الاجتماعية، فإن المهمة أُنجزت بالنسبة لهذه الإدارة. وهو أمر يمكن للمرء أن يتفهمه إلى حد ما، إذا كان أفقه هو العشرون من يناير 2017 (تاريخ انتهاء ولاية الرئيس أوباما).
والحال أنه يتعين على كل من ينظر إلى ما بعد ذلك التاريخ أن يشعر بالقلق إزاء شعور الرضا الذي يبديه أوباما على الرغم من خطر الارتفاع المستمر للدين الحكومي.
ولكن اللافت أكثر بشأن تغير موقف الرئيس الأميركي بشأن إصلاح برامج الاستحقاق، هو أن الضحية الأكبر ستكون هي القضايا التقدمية التي يزعم أنه يدافع عنها ويوليها اهتماماً خاصاً. بعد أن ارتفع بسرعة مذهلة خلال الفترة ما بين 2007 و2009، انخفض العجز بشكل دراماتيكي بالفعل. وبشكل عام، يُعتبر الانخفاض نتيجة متوقعة للانتعاش الاقتصادي، ذلك أن جمع الضرائب ازداد، وإعانات البطالة انخفضت، ولكن زيادة الضرائب التي أقرها أوباما تمثل عاملاً مهماً أيضاً. صحيح أن التكاليف الصحية لا ترتفع بالسرعة التي كانت متوقعة، وهو أمر جيد بالنسبة لمالية برنامج «ميديكير»، فربما أرغمت الظروف الاقتصادية العصيبة الناس على زيارة الطبيب بشكل أقل؛ ولكن معظم الخبراء يتفقون على أن التدابير التي تحاول خفض التكاليف في قانون الرعاية الصحية الذي أتى به أوباما لعبت وستواصل لعب دور مهم.
هذا عن الأخبار الجيدة. أما الآن، فدعونا ننظر إلى المستقبل كما يراه مكتب الميزانية المستقل التابع للكونجرس.
لقد بلغ الدين الفيدرالي 74 في المئة من الإنتاج السنوي للاقتصاد (الناتج المحلي الإجمالي)، وهو ما يمثل «نسبة مئوية أعلى مقارنة مع أي وقت في تاريخ الولايات المتحدة باستثناء فترة قصيرة إبان الحرب العالمية الثانية»، كما يقول المكتب، «وقرابة ضعف النسبة المئوية المسجلة في نهاية 2008». وإذا لم يتم تغيير السياسيات، فإن تلك النسبة ستظل ثابتة أو ستتراجع قليلاً لبضع سنوات ثم تعاود الصعود مجدداً إلى مستوى خطير هو 78 في المئة، ثم إلى مستوى لا يمكن تحمله هو 106 في المئة بحلول 2039.
ونتيجة لذلك، فإنه بحلول 2039 ستكون الحكومة مطالَبة بدفع أقساط قروض تعادل 4?5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي أكثر من ضعف متوسط حصة الأربعين عاماً الماضية. وعليه، فيمكن القول إن الاختيار الحقيقي بالنسبة للحزب «الديمقراطي» هو ما إن كان سيدافع عن قروض تزداد وتتراكم بشكل مستمر بالنسبة للجيل القديم، أو ما إن كان سيكافح للدفاع عن توازن بين حماية المتقدمين في السن وعضد الجيل المقبل وتقويته بالعلوم والمدارس والبنية التحتية التي يحتاجها البلد ليكون تنافسياً.
إنه لمن المحزن حقاً أن أوباما، الذي لن يضطر أبداً لمواجهة الناخبين مرة أخرى، يهدر فرصة للدفع في الاتجاه الصحيح!
فريد حياة
محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»