تعبّر تصريحات سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، في ختام أعمال الاجتماع الرابع للجنة المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وروسيا الاتحادية، الذي استضافته موسكو مؤخراً، عن طبيعة النظرة الإماراتية إلى العلاقة مع روسيا في إطار الرؤية الشاملة للعلاقات الخارجية، خاصة مع القوى الدولية والإقليمية المهمة والمؤثرة والمهتمة بقضايا الخليج العربي والمنطقة العربية والشرق الأوسط، حيث أكد سموه أن كلا البلدين يرتبط بعلاقات صداقة ودية مبنية على روح التفاهم والاحترام المتبادل والرغبة المشتركة في تطوير هذه العلاقات والارتقاء بها. إن حرص الإمارات على تعزيز علاقاتها مع روسيا هو جزء من توجهها الخاص بتوسيع وتنويع خيارات تحركها على الساحة الدولية من خلال إقامة علاقات قوية وقائمة على مصالح مشتركة مع القوى الفاعلة في الشرق والغرب، وهذا ما عبّر عن نفسه خلال السنوات الأخيرة من التطور، الذي لحق بعلاقات الإمارات مع كثير من الدول، مثل: الصين واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا وغيرها. ولعل أهم ما يميز علاقات الإمارات وروسيا أنها إضافة إلى بعدها السياسي المهم، لها بعد اقتصادي مهم كذلك، وهذا هو شأن العلاقات الخارجية الإماراتية بشكل عام، وهو الذي يكسبها الاستمرارية والقوة؛ حيث تشير الإحصاءات التي ذكرها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية في ختام الاجتماع الرابع للجنة المشتركة الإماراتية - الروسية، الذي سبقت الإشارة إليه، إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى 2.4 مليار دولار عام 2013، بعد أن كان 1.48 مليار دولار عام 2012، فيما تتجاوز قيمة الاستثمار المتبادل 18 مليار دولار، وفي سبتمبر 2013 وقعت إمارة أبوظبي مذكرة تفاهم لإنشاء صندوق استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار في البنى التحتية الروسية، وهو الاستثمار الأضخم الذي تقوم به جهة خارجية في هذا الشأن. وعلى الرغم مما سبق، فإن إمكانات التعاون بين الإمارات وروسيا كبيرة ويمكن أن ترفع معدلات التبادل التجاري والاستثمار المشترك إلى معدلات أكبر بكثير مما هو موجود حالياً، خاصة في ظل اهتمام روسيا الكبير بدعم علاقاتها وتعزيزها مع الإمارات من ناحية، وإرادة تطوير هذه العلاقات التي تتوافر لدى قيادتي البلدين من ناحية ثانية. ولعل ما يعطي علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة مع روسيا الاتحادية أهمية إضافية أنها تأتي ضمن اهتمام عام من قبل مجلس التعاون لدول الخليج العربية بتقوية الروابط والحوارات مع الجانب الروسي، وهذا ما يتضح من الحوار الاستراتيجي بين المجلس وروسيا الاتحادية، الذي انعقدت جولته الأولى في أبوظبي خلال شهر نوفمبر 2011. لا شك في أن روسيا دولة مهمة، سواء في سياقها الإقليمي أو الدولي، كما أن لها اهتماماً كبيراً بالمنطقة العربية بشكل عام، ومنطقة الخليج العربي بشكل خاص، وعلى علاقة مباشرة بالكثير من الملفات العربية والشرق أوسطية، وتبدي اهتماماً واضحاً بتعزيز حضورها في منطقة الشرق الأوسط، هذا إضافة إلى أنها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ومن ثم تكتسب العلاقات معها أهمية كبيرة، وهذا ما تدركه الإمارات وتتحرك وفقاً له خاصة.