لم تكن صدفة أن تمنح الأمم المتحدة أمير الكويت الشيخ صباح السالم الصباح لقب «قائد العمل الإنساني»، فالكويت منذ استقلالها عن بريطانيا في عام 1961 لم تتوقف عن تقديم المساعدات الإنمائية والإنسانية لعشرات الدول ولمئات الملايين من البشر. لقد كان لأمير الكويت الدور الفاعل في التأسيس لهذه المساعدات الكبيرة، إذ أنه مع استقلال الكويت شغل مناصب رفيعة اتاحت له التأثير في اتخاذ العديد من القرارات، ففي نفس العام أسس الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ليتخصص في تقديم المساعدات والإعانات للبلدان النامية. وبصفته وزيراً للخارجية على مدى ثلاثة عقود ومن ثم رئيساً للوزراء وأميراً لعب الشيخ صباح دوراً رئيسياً واستثنائياً في تقديم القروض الإنمانية للبلدان النامية، إذ يمكن تلمس هذا الجهد المتواصل والدؤوب لمساعدة الآخرين من خلال نشاطات الصندوق الكويتي وحده، على اعتبار أن هناك مؤسسات وصناديق كويتية أخرى تعمل في نفس المجال. وفيما يتعلق بـ«الصندوق الكويتي للتنمية»، الذي يُعتبر أول منشأة من نوعها في البلدان النامية، فقد تضاعف رأس ماله منذ إنشائه ليبلغ 6 مليارات دولار حالياً، حيث قام بتمويل 850 مشروعاً تنموياً بمبلغ 15 مليار دولار استفادت منها 104 دول، منها 16 دولة عربية و40 أفريقية و19 آسيوية و17 أوروبية و11 أميركية لاتينية. وبما أن البنية التحتية تشكل القاعدة الأساسية للتنمية، إذ يشير صندوق النقد الدولي في هذا الصدد إلى أن استثمار دولار واحد في البنى التحتية يساهم بثلاثة دولارات في الناتج المحلي، لذلك ركز صندوق التنمية على تمويل مشاريع البنية التحتية في هذه البلدان وبنسبة عالية بلغت 82% منها45% للطاقة، بما فيها محطات الكهرباء و37% للطرق والنقل، إذ ساهمت هذه المشاريع في توفير خدمات البنية التحتية وتشجيع إقامة مشاريع تنموية في مختلف القطاعات الاقتصادية، والتي لم يكن بالإمكان إقامتها في ظل غياب بنية الخدمات اللازمة لتشغيلها. مجمل هذه التوجهات ساهمت بدورها في توفير ملايين من فرص العمل، وأدت إلى تحسين مستويات المعيشة من خلال بناء عشرات المدارس والمعاهد والمستشفيات والمراكز الصحية، والتي قدم معظمها على شكل هبات إنمائية وإنسانية وبمواصفات راقية، بل إنها تتفوق في بعض الأحيان على مثيلاتها المقامة في الكويت نفسها بسبب فارق الزمن الذي أقيمت فيه. إضافة إلى ذلك عادة ما تهب الكويت وعلى رأسها أميرها، حالهم في ذلك حال أشقائهم في دولة الإمارات ودول مجلس التعاون لتقديم العون والمساعدة في حالات الكوارث الطبيعية وضحايا الحروب والأزمات. والحقيقة أن الكويت ودول التعاون تقدم مثل هذه المساعدات الإنمائية والإنسانية بعيداً عن الأهداف والضغوط السياسية، حيث يمكن تلمس ذلك بصورة جلية من خلال توزيع هذه المساعدات والتي شملت بلدان عربية وغير عربية، إسلامية وغير إسلامية وذات توجهات سياسية متعددة، مما وضعها محل تقدير واحترام بلدان العالم والمنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة التي منحت الأمير هذا اللقب الإنساني الرفيع. وفي الوقت نفسه، فإن المساعدات والإعانات التي تقدمها دول مجلس التعاون الخليجي تشكل أكبر نسبة لناتجها الإجمالي من بين كافة بلدان العالم الغنية، حيث تتجاوز هذه النسبة 2.5% في الكثير من الحالات، مقابل أقل من 1% في البلدان المتقدمة. لقد أصبح نهج تقديم المساعدات والإعانات للبلدان والشعوب المحتاجة نهجاً ثابتاً في دول مجلس التعاون، وترافق مباشرة مع تدفق العائدات النفطية، هذا ما حدث مع الكويت، وهو ما حدث في دولة الإمارات، والتي وضع مؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على رأس أولوياته تقديم العون والمساعدة للآخرين مباشرة بعد تدفق العائدات النفطية، حيث لا زال «صندوق أبوظبي للتنمية» يقوم بتمويل العشرات من المشاريع التنموية في مختلف بلدان العالم.