مع بداية أسبوع جديد وإمكانية ظهور مصابين جدد بمرض إيبولا، باتت لدى الأميركيين –أو على الأقل السياسيين الأميركيين– حاجة ملحة تتمثل في إيجاد مشجب لإلقاء اللوم عليه. ففي النهاية، إذا كان موت أكثر من 4 آلاف أفريقي غير كاف للفت انتباهنا، فإن إصابة ممرضتين في الولايات المتحدة تمثل أزمة حقيقية. وحتى أعفي القراء من مشقة متابعة ساعات من البرامج المتكررة على التلفزيون والدعاية السياسية، فإني أعددتُ قائمة بأسماء الأشرار المقترَحين (أو الذين سيتم اقتراحهم قريبا) من قبل المتحدثين على التلفزيون من "اليسار" و"اليمين"، وبإمكان القارئ أن يختار منها اسماً واحداً أو أكثر. - أوباما، لأنه يكترث لحال الأفارقة أكثر مما يكترث لحالنا – نحن الأميركيين. - "الجمهوريون"، لأنهم حرموا مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها من التمويل حتى لا تستطيع الاستعداد لإيبولا. - منظمة الصحة العالمية لأنها فقدت السيطرة على الوضع في وقت استفحل فيه الوباء. - أوباما، لأنه لم يصغِ إلى تحذيرات منظمة الصحة العالمية بشأن إيبولا. - مدير مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها "توماس فريدن"، لأنه لم يمنع الممرضة من استقلال الطائرة. ولحسن الحظ، فإنه لم يمت أي شخص بعد إصابته بعدوى إيبولا في الولايات المتحدة حتى الآن؛ وإن كان بعض الأشخاص قد يموتون قبل أن يتسنى احتواء الوباء. ولكن الأمل هو أن نتعلم، في الأثناء، الاستعداد للأوبئة بشكل أفضل من أجل الرد عليها بنجاعة في المرة المقبلة. والواقع أن عملية تحديد الأشرار يمكنها، في أفضل الأحوال، أن تفيد عملية التعلم والتحسن وتدعمها؛ كما أن المطالبة بالمحاسبة في نظام ديمقراطي قد تكون قبيحة، ولكنها ضرورية وأساسية. غير أنه في الوقت نفسه، وبينما كان السياسيون يطالبون برأس "فريدن" الأسبوع الماضي، وجدتني أفكرُ في ثلاثية ريك أتكينسون الرائعة حول الجيش الأميركي في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية. فبينما كان الحلفاء يتحركون من شمال إفريقيا إلى إيطاليا ثم إلى فرنسا، فإن قصتهم تلك كانت قصة بطولة واستراتيجية ذكية، ولكنها كانت أيضاً قصة أخطاء لا يمكن تخيلها، وأرواح ضائعة، ودروس تم استخلاصها بكلفة مرتفعة أو تجاهلها على نحو غير مبرر. بيد أنه لم تكن ثمة أي جلسات استماع في الكونجرس بعد أسبوعين على بداية الحرب تطالب باستقالة الرئيس آيزنهاور. والأكيد أنه كان على أوباما ألا يلمح إلى أن إيبولا من المستبعد أن يصل إلى أميركا، مثلما أنه كان على فريدن ألا يطمئننا بأن كل المستشفيات ستكون جاهزة ومستعدة منذ اليوم الأول. غير أنه في جو غير متسامح لا يرحم، وغير مستعد للاعتراف بأن أخطاء ستُرتكب وينبغي التعلم منها، فإنه يمكن تفهم أن الزعماء يورطون أنفسهم ويقعون في فخ الوعد بأكثر مما يستطيعون الوفاء به. وخلاصة القول إن الرغبة في المحاسبة لا ينبغي أن تحول دون نوع من كرم الروح أو إبداء بعض التعاطف والتقدير حيال مسؤولين الخدمة العامة؛ ولكن يبدو أننا نسينا ذلك. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"