عاصمة الابتكار العربي
احتلال العاصمة أبوظبي المركز الأول بين العواصم العربية في مجال الاختراعات، ومنحها لقب «عاصمة الابتكار العربي»، وفقاً للتصنيف الصادر مؤخراً عن «المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية» (الويبو)، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، هو تطور له دلالات إيجابية كبيرة بالنسبة لمسيرة التطور والازدهار التي يمر بها الاقتصاد والمجتمع المعرفي بالإمارة، التي سجلت، وفقاً للمنظمة، 76 اختراعاً دولياً خلال الفترة من منتصف عام 2010 إلى منتصف العام الجاري، وبنسبة تصل إلى 5.82 اختراع لكل مليون نسمة من سكانها، وهي النسبة الأعلى بين جميع العواصم العربية، كما أن أفضل فريق مخترع في الوطن العربي جاء من أبوظبي أيضاً.
إن تفوق العاصمة أبوظبي هو جزء من التفوق العربي والإقليمي الشامل لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتربع الآن على قمة ترتيب دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل في «مؤشر الابتكار العالمي»، الذي ينشر سنوياً بالتعاون بين منظمة «الويبو» وكل من جامعة «كورنيل» الأميركية وجامعة «إنسياد» الفرنسية، التي لها فرع في العاصمة أبوظبي أيضاً. وهذا التفوق بدوره يعتمد على قدرة الإمارات على خلق البيئة المناسبة للابتكار والإبداع، فيما يجعلها وجهة جاذبة للعقول والمواهب من جميع أنحاء العالم، فضلا عن قدرتها على تحفيز الكوادر البشرية المواطنة على الانخراط في القطاعات والأنشطة المعتمدة على الابتكار.
هذه المؤشرات تتفق مع النتائج التي خرج بها «استطلاع أصداء بيرسون-مارستيلر السنوي السادس لرأي الشباب العربي» لعام 2014، الصادر عن مؤسسة «أصداء بيرسون-مارستيلر» العاملة في مجال الاستشارات والعلاقات العامة، والذي وضع دولة الإمارات العربية المتحدة على قمة ترتيب الدول العربية في تطلعات الشباب العرب الباحثين عن وجهة مثالية للعمل والحياة خارج بلدانهم، كما تتفق مع ما جاءت به المؤشرات التي أطلقتها مؤسسة «لينكد إن»، حول الحركة العالمية للمواهب وهجرتها بين الدول، والتي وضعت الإمارات على قمة الترتيب العالمي كوجهة جاذبة للمواهب والعقول، وهذه التصنيفات تؤكد حقيقة أن الحياة التي ينعم بها سكان الإمارات، حياة مثالية تتوافر فيها الظروف المشجعة للمبدعين والمبتكرين، والأدوات والإمكانات اللازمة لمواصلة الاختراع والإنتاج المعرفي.
توافر هذه البيئة والمناخ المساعد على الابتكار في دولة الإمارات العربية المتحدة، هو نتاج دعم وجهود حثيثة تبذلها الحكومة، وسياسات عامة ورؤى ونهج تتبعه الدولة يتبنى الابتكار والإبداع كآلية لبناء المستقبل، وهو نهج يقوم على جعل الإبداع والابتكار ثقافة وأسلوب عمل داخل المؤسسات وطريقة حياة بالنسبة للأفراد وسبيلا لبناء مجتمع المعرفة. وفي هذا السياق، أطلقت الدولة مؤخراً «الاستراتيجية الوطنية للابتكار»، التي تسعى من خلالها إلى جعل نفسها واحدة من الدول الأكثر ابتكاراً في العالم خلال السنوات السبع المقبلة، من خلال العمل على أربعة محاور أساسية، هي: إرساء بيئة محفزة للابتكار، وتطوير الابتكار في العمل الحكومي، ودفع القطاع الخاص نحو مزيد من الابتكار، وبناء أفراد يمتلكون مهارات عالية في الابتكار. وتوزيع هذه المحاور على هذا النحو، ووضع «إرساء بيئة محفزة للابتكار» كمحور أول للاستراتيجية، يؤكد سلامة النهج الإماراتي، الواعي بأنه لا إبداع ولا ابتكار من دون توافر المناخ الملائم والمحفز له، وهو النهج نفسه الذي حققت الإمارات من خلاله تفوقها في التصنيفات وفي استطلاعات الرأي الإقليمية والدولية، بطبيعة الحال.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية