يبدو أن أجندة الانتخابات - في أميركا وإيران معاً- هي ما يحرك مفاوضاتهما حول برنامج طهران النووي. وعليه، فالتوقع الأولي السهل هو الآتي: علينا ألا نتوقع تقدماً خلال الأيام القليلة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات في أميركا، لكن حينئذ يمكن للوتيرة أن ترتفع بسرعة. الوقت يمر بسرعة على يوم الانتخابات؛ لأن الرابع والعشرين من نوفمبر هو التاريخ المحدد للتوصل لاتفاق شامل. لكن قبل أن يتم اختيار الكونجرس الأميركي المقبل في الرابع من نوفمبر، لا يستطيع الأميركيون تقديم وعود قد تكون خطيرة سياسياً والإيرانيون لا يمكنهم الرد وهم لا يعرفون إلى أي كفة سيميل ميزان القوة بين الجمهوريين والديمقراطيين. ومن جانبها، ستشهد إيران بعد أكثر من عام بقليل انتخابات يُنتظر أن تحدد في النهاية الزعيم المقبل للبلاد. ونظراً لأن المرشد الأعلى الحالي، آية الله علي خامنئي، قد ضبط ميزان القوة بين الإصلاحيين والمتشددين، فإن الاختيار الذي ستسفر عنه صناديق الاقتراع قد يغيّر اتجاه عملية صناعة السياسات الإيرانية بشأن أي اتفاق محتمل. وفي ما يلي السيناريو الذي قد تفضي إليه هذه الأجندات المتداخلة. 2014: الولايات المتحدة ربطت المفاوضات بأجندتها السياسية عندما حددت انتهاء المهلة من أجل اتفاق نهائي بعد انتخابات الشهر المقبل. وقد كان هذا الحساب يفترض أنه عندما تُعرف تشكيلة الكونجرس المقبل، فإن المفاوضين الإيرانيين سيكونون تواقين لعقد اتفاق حتى يُظهروا للناخبين اقتصاداً ينمو ويتحسن نتيجة تخفيف العقوبات. وإذا حقق الجمهوريون نتائج جيدة في الانتخابات، مثلما هو متوقع، فإن إدارة أوباما سترغب أيضاً في عقد اتفاق بسرعة، قبل اجتماع الكونجرس الجديد في يناير. وعليه، فإن أفضل فرصة للتوصل لاتفاق هي في الأشهر القليلة المقبلة، عندما تتقاطع الدوافع السياسية لكلا الجانبين. غير أن ثمة مشكلة كبيرة: ذلك أن مواقف الجانبين مازالت متباعدة. فالغرب يشدد على ضرورة أن تقلص إيران قدرتها الخاصة بتخصيب اليورانيوم بما يكفي لتجنب إمكانية الانزلاق نحو إنتاج سلاح نووي، لكن إيران ترفض بحث إمكانية إقرار أي تقليص يمكن أن يبدو كما لو أنه تفكيك لبرنامجها النووي. لكن إيران تسعى لتخفيف فوري وكامل للعقوبات الاقتصادية، أما خصومها فيرفضون ذلك باعتباره أمراً غير حكيم وغير عملي. وعليه، فإن أي اتفاق سيتطلب من الجانبين بعض التنازلات. ثم إنه حتى إذا تم التوصل لاتفاق، فإنه سيتعرض لهجوم من قبل المتشددين في كلا البلدين، وخاصة إذا التف أوباما على الكونجرس وعلّق معظم العقوبات بمفرده. ومن جهتها، ستكون إيران متشككة، على اعتبار أن الرئيس المقبل يمكن أن يعيد العقوبات. 2015: في ديسمبر 2015، ستنتخب إيران برلماناً جديداً. وفي غضون بضعة أشهر، سيختار الناخبون مجلس خبراء القيادة، الذي سيختار بدوره القائد الديني الأعلى المقبل. وإدراكاً منهم لأهمية هذين الاستحقاقين المقبلين، فإن أعين المفاوضين الإيرانيين منذ الآن هي على تلك الانتخابات. وكذلك الحال بالنسبة للمفاوضين الأميركيين، لأن تاريخ أي اتفاق يمكن أن يحسم نتيجتها. وحالياً، يخضع البرلمان الإيراني لسيطرة المتشددين. ولتغيير ذلك، يحتاج الرئيس حسن روحاني للمزايا الاقتصادية التي يمكن أن يأتي بها اتفاق نووي، لكنه يحتاج إليها بسرعة إذا كان يراد لها أن تبهر الناخبين. بعبارة أخرى، كلما تطلب الأمر وقتاً طويلاً للتوصل لاتفاق، تقلص احتمال أن يساعد ذلك الرئيس روحاني. وهذا أمر يدركه المحافظون في إيران: فإذا كان لا بد من اتفاق، فإنهم يريدونه عاجلاً وليس آجلاً! ----- والي نصر عميد كلية الدراسات الدولية العليا بجامعة هوبكينز الأميركية ----- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»