السبق في دعم اللاجئين
في ظل الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون، وخاصة النساء والأطفال في مناطق الصراعات المسلحة حول العالم، لابد للمجتمع الدولي من اتخاذ خطوات جماعية للعمل على حمايتهم، والتخفيف من وطأة الوضع المأساوي الذي يمرون به، ومن هذا المنطلق يأتي حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على دعوة المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه هذه الفئات، وهي قد حرصت في جميع مشاركاتها في الاجتماعات والقمم الدولية على تأكيد ذلك، وهو ليس بالأمر الجديد عليها، فهي منذ نشأتها من الدول ذات المنظور الإنساني في التنمية.
وقد أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة «صندوق الشيخة فاطمة لرعاية المرأة اللاجئة والطفل»، وكان ذلك عام 2000، بهدف تخفيف معاناة اللاجئين من النساء والأطفال حول العالم. واستمراراً لجهودها تلك، وخلال جلسة الأعمال الأخيرة لـ«جمعية الاتحاد البرلماني الدولي» في جنيف، دعت الإمارات المجتمع الدولي إلى رعاية المرأة في مناطق الصراعات، عبر التصدي لظاهرة العنف وممارسات الجماعات الإرهابية ضدها، وطالبت بتبني استراتيجية دولية مشتركة لتجريم هذه الممارسات، ودعت لرفعها إلى مستوى جرائم الحرب.
وفيما يخص حماية الأطفال، استضافت الإمارات مؤخراً، مؤتمر «الاستثمار في المستقبل: حماية الأطفال اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، كأول مؤتمر من نوعه في المنطقة. وأكد صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، خلال المؤتمر، أهمية حماية ورعاية الأطفال اللاجئين، واعتبر أن توفير الرعاية الشاملة للطفل ضمانة لرخاء المجتمعات.
إن المطّلع على التوجه الإماراتي في دعم اللاجئين وحمايتهم حول العالم، لابد أن يدرك مدى رجاحة السياسة الإماراتية، ووعيها بأن تجاهل هذه القضية سيخلف آثاراً سلبية عميقة على المجتمع الدولي ككل، فتركهم يرزحون تحت ظروف معيشية سيئة ومعرضين للخطر، يجعلهم فريسة لاستغلال المتطرفين الذين يغررون بهم، ويدفعونهم للانخراط في الجماعات الإرهابية والمتطرفة، ويجعلهم عرضة لجرائم الاتجار بالبشر. هذا بالإضافة إلى أن ظاهرة تكدس اللاجئين وتزايد أعدادهم تتسبب في استنزاف موارد الدول المستضيفة لهم. ومن هنا تعي الإمارات ضرورة التعامل الجدي والفعال مع هذا الأمر، عبر صياغة رؤية استراتيجية دولية شاملة، تقوم على تجاوز مسألة الدعم المادي وتوفير الخيام والأدوية والمساعدات المعيشية الآنية للاجئين، إلى ما هو أوسع من ذلك، عبر توفير أشكال الدعم كافة لهم: اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً ومعرفياً ونفسياً. وللإمارات مبادرات عدة في هذا الإطار، مثل مبادرة «المجلس الإماراتي لكتب اليافعين»، ومبادرة «ثقافة بلا حدود»، ومبادرة «اقرؤوا لأطفال سوريا»، ومبادرة «هدية من القلب»، ومبادرة «أنت أمانتي».. وهي جميعها مبادرات تقدم الدعم المعنوي والنفسي للاجئين، بهدف تحصينهم في مواجهة أصحاب الأفكار المتطرفة.
النهج الذي تتبناه دولة الإمارات العربية المتحدة هو نهج ذو فائدة وفاعلية كبيرة في التعامل مع قضايا اللاجئين، وبخاصة على المديين المتوسط والطويل، إذ إنه يقوم على مبدأ الوقاية والتعامل المسبق مع التهديد قبل أن يتحول إلى أزمة مزمنة يصعب التعامل معها. وتعي الإمارات أن تمكين اللاجئين من أن يكونوا هم أنفسهم حائط الصد الأول ضد المخاطر التي يتعرضون لها على الجانب الاجتماعي والإنساني والثقافي، هو خير وسيلة لحمايتهم ودعمهم ضد المخاطر، وتجنب التهديدات التي يمكن أن تنجم عن ذلك.