إحباطات وراءها قيادات
الإحباط في أبسط معانيه يُعرف على أنه درجة متقدمة من التوترات التي يمر بها الفرد تقوده إلى الاستسلام والشعور بالعجز والميل إلى الانطواء، ومن أهم أسباب الإحباط العجز عن تحقيق الرغبات بسبب عوائق لدى الإنسان نفسه ذاتية أو خارجية كالحالة التي يمر بها المجتمع، الصورة التي كتبتها تنسحب من الفرد إلى المجتمع، لو سألت الفرد في المجتمعات المتقدمة عن تخطيطه للحياة، ستجد أنه بعد أن تحقق له المستوى المطلوب من العيش الكريم يفكر في ضمان صورة أفضل لذريته من بعده بل حتى لأحفاده.
بينما في المجتمعات المحبطة تجد أن الفرد يفكر في يومه ولو مد أفق توقعاته، فإنه لن يجاوز التخطيط لغده، وقد تعودنا في المجتمع العربي منذ أكثر من خمسين سنة على أن نكون بشكل عام أمة محبطة، أو هكذا أُريد لنا. فكثيراً ما نجد التقارير الدولية المنشورة عن المنطقة العربية تصنفها في أسفل القائمة من حيث المنجزات، وعندما تتم مقارنة الدول العربية بالكيان الإسرائيلي، نجد أن صورة الأمل ترتسم عند ذكر إسرائيل.
ولو بحثنا في حقيقة ذلك الكيان، لرأينا أن كل مصادر الإحباط متوافرة فيه كما هو شأن الكثير من الدول العربية، فلديهم يهود متطرفون يودون سحق كل من يخالفهم، ويجاهرون بهذه العنصرية التي تجاوزت العرب إلى اليهود غير الغربيين أو ما يعرف بـ«المزراحيم»، كما بينت الدراسات وجود تمييز عنصري ضد يهود «السفارديم»، ولو أضفنا للقائمة العنصرية ضد اليهود الأفارقة لعرفنا حقيقية ذلك المجتمع.
لكن كيف قدمت إسرائيل نفسها للعالم بصورة مختلفة؟ هذا مجال يستحق منا الدراسة، فهم يركزون على جوانب تميزهم ويقدمونها للعالم مقارنين تلك الصورة الزاهية بصورة العرب المتخلفة.
وقد زاد الطين بلة مجريات ما يعرف بـ«الربيع العربي»، التي حولت منظومة العرب إلى طوائف متناحرة، فليبيا تنجرف يومياً إلى هاوية الحرب الأهلية، واليمن بات مهدداً بالانقسام إلى طوائف متناحرة بعد أن نجح «الحوثيون» في تنفيذ أكبر انفلات أمني تشهده اليمن تحت رعاية أجنبية، وسوريا دمرت أو تكاد تحت وطأة الجماعات المتناحرة، وها هي «داعش» وبتخطيط دقيق تنقل معاركها من منطقة إلى أخرى كي يستمر حرق المنطقة تحت شعار حرب الإرهاب.
في ظل تلك الصورة المظلمة، تبرز شمس الإمارات زاهية، فكأن دولتنا لاتعيش وسط ذلك الركام، فمن تابع الأخبار خلال الأسبوع الماضي فقط شعر بالفخر والزهو، لأن بلداً عربياً لا يعبر نفق الإحباط، حيث تم الإعلان عن مسبار عربي مسلم يخطط له أن يتجه إلى المريخ بدأ مشروع تنفيذه، والإعلان عن استراتيجية وطنية للابتكار باستثمارات تصل إلى 14 مليار درهم، واعتماد استراتيجية جديدة للتعليم في الإمارات 2021 تركز على الابتكار.
وأخيراً خلال الأسبوع الماضي تم الإعلان عن فوز أبوظبي باستضافة مؤتمر الطاقة العالمي 2019.. مشاهد تقول لمن يرغب في العيش السعيد إن الإمارات بلد يحلق للبعيد، وإن الإحباط لمن أراد الخروج منه ممكن وليس بالمستحيل، ومدرسة تقول للقيادات العربية المتخبطة، إن الإمارات بها قيادات نجحت في جعل السعادة عادة، فكما أن وراء الإحباطات العربية قيادات فاشلة، تتلخص إنجازات الإمارات في قادة يشكرون على بصيرتهم الثاقبة، ورؤيتهم الاستراتيجية الواثقة، لذلك مد الناس لهم يد البيعة الصادقة والولاء الذي لايكاد يُعرف في المنطقة.