يتردد على الألسن وفي الصحف ووسائل الإعلام حديث عن "موت عرفات"، كما يتردد أنه سُمَّم من قبل الإسرائيليين بطريقة عجز المستشفى الفرنسي عن تشخيصها، ومن ثم دخل الرئيس الفلسطيني في غيبوبة، ثم مات يوم الخميس 28 من رمضان 1425هـ الموافق 11/11/2004. وأتوقع أن المستشفى الفرنسي دخل في غيبوبة أيضاً مع عرفات، إذ عجز الأطباء الفرنسيون عن مداواته.
موت عرفات ربما يأتي امتداداً لسلسلة تصفيات جسدية توعد بها الإسرائيليون القيادات الفلسطينية من قبل بدءاً بالشيخ أحمد ياسين والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي ومن قبلهما، ثم الرئيس ياسر عرفات الذي اتخذت تصفيته فلسفة جديدة وأسلوباً إجرامياً مغايراً لمن سبقوه. قد يكون هذا الأسلوب أهدأ من الأساليب السابقة ولكن النتيجة واحدة والهدف الإسرائيلي ألا وهو التصفية الجسدية، بطريقة قد تتقبلها الشعوب فتهدأ ثورتها. فالموت مرضاً بعيداً عن الفتك بالسلاح الذي يثير المشاعر ويؤجج الغضب، لن يثير ضجة أو يستنفر مشاعر المتحمسين، بدليل إقامة جنازة رسمية وعزاء طبيعي معزز ببعض الهتافات من الجماهير لشخص عرفات وجهاده من أجل القضية بلا استنكار ولا غضب ولا انتباه أصلاً لاحتمال تصفيته. ومعنى ذلك أن نجاح هذا الأسلوب سيكون نهجاً للإسرائيليين فيما بعد، وهنا ثمة تساؤل يطرح نفسه، وهو كيف وصل السم إلى عرفات؟! وبيد من وضع له ليحتسيه؟! غموض شديد يطرح احتمال وجود عملاء ساهموا في تصفية الرئيس عرفات. لذا الحاجة ملحة وماسة -وبحزم- لتطهير الصف من أذناب الإسرائيليين وعملائهم وإحلال المقربين المخلصين من القادة والزعماء خاصة أصحاب القضايا، لأن نمط التصفية الجسدية سوف يتغير ويتلون كجلد الحرباء حسب النمط المراد تصفيته، قد يكون اغتيالاً أو سماً أو غير ذلك مما لدى الإسرائيليين من حيل ومكر ودهاء وخبث، لابد إذن من أخذ الحذر البالغ والحيطة الشديدة، فعرفات ربما صفاه الإسرائيليون جسدياً بطريقة أو بأخرى. المهم أنها تصفية بأسلوب جديد وطريقة سلسة قد لا تنتبه الأذهان إليها بدليل أن كل وسائل الإعلام تردد موت عرفات لا تصفيته.
سليمان العايدي - أبوظبي