ما إن استؤنفت الدراسة أمس الأول حتى كان العنوان الرئيسي والقضية المحورية التي انشغلت بها الأوساط التعليمية والعائلات هي مسألة كيفية تعويض ما فات الطلاب من دروس خلال فترة الحداد الرسمية التي أعقبت وفاة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ثم عطلة عيد الفطر المبارك. بالطبع هذه المسألة ليست هينة وتحتاج إلى معالجة إدارية دقيقة، ولكن اللافت أن الأوساط التعليمية تسابقت في إبداء الآراء وحدث نوع من التهافت الإعلامي على تداول هذه المسألة، وكل يدلي بدلوه ويدافع عن وجهة نظره ويسوق لها المبررات والحجج والذرائع، بحيث انتهى الأمر إلى جر الطلاب وأسرهم في هذه السجالات والنقاشات الجدلية بدلا من التركيز وتعظيم مردود الفترة الدراسية الراهنة والمقبلة.
والغريب أن بعض الصحف المحلية دخلت على خط هذه السجالات بشكل ربما يتجاوز دور الوسيلة الإعلامية ويصادر على وزارة التربية والتعليم حقها في مناقشة الموضوع من زاوية مهنية متخصصة. صحيح أننا من مناصري الشفافية الإعلامية وفتح الأبواب والقنوات والتواصل مع مختلف أجهزة الإعلام، ولكن حينما يقفز الإعلام إلى نتائج ربما تتعارض مع المصلحة العامة ولو من باب حسن النوايا، فإن الأمر يستحق وقفة لمراجعة الذات، حيث يدرك الجميع وفي مقدمتهم رجال الإعلام، أن وزارة التربية والتعليم لم ترتب أوراقها بعد منذ تولى شؤونها بعد التعديل الوزاري الأخير معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وبالتالي كان حرياً بالإعلام أن يعطي الوزارة فرصة لالتقاط الأنفاس ومعالجة هذه المسألة من دون حرق المراحل، وإيجاد واقع أو تشكيل رأي عام يؤثر أو يشكل نوعاً من الضغط المعنوي على قرار الوزارة. العناوين التي ملأت الصحف المحلية تفاوتت بين تأييد لهذا المقترح أو ذاك، وانبرت الصحف في استعراض الآراء من أولياء الأمور إلى من وصفتهم بخبراء التربية، حتى إن بعض الصحف حولت المسألة إلى استطلاعات ميدانية، والأكثر غرابة أن البعض طالب بإلحاح بإلغاء حصص الأنشطة، وهو مطلب يعكس مدى غياب الوعي بأهمية هذه الحصص التي لا تقل عن أهمية بقية الحصص التربوية، ويعكس خطورة تحويل المسألة إلى استفتاء جماهيري، فكل ينظر للأمر من زاوية حسابات ذاتية بمعزل عن مصلحة العملية التعليمية، ثم نعود بعد ذلك ونطالب بالتطوير وضرورة اللحاق بركب الحداثة... والآن أليس من الأفضل أن ننتظر الإعلان رسمياً عن قرار الوزارة بعد أن كشف معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التربية والتعليم أمس عن التوجه العام للوزارة حيال هذه المسألة بالإبقاء على عطلة منتصف العام؟!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية