كثيراً ما يتشدق الغرب بمصطلح "الأُخوّة في الإنسانية" ولعل ساسة الغرب ومثقفيه يعنون بذلك انصهار الإنسانية في بوتقة واحدة من التعاون والتآزر والوئام، كلاً تحت مظلة دينه دون أن يعترض أحد على أخيه الإنسان ولا يؤذيه، ولكلٍ من الآخر الحب والعطف والسلام. وهذا-عندهم- يندرج تحت الحضارة والمدنية وغيرها من المصطلحات الفضفاضة التي تخدم أغراضهم وأطماعهم فقط لا الإنسانية جمعاء، وكأن مصطلح الإنسانية لا يعني إلا إياهم فحسب، ولذلك انقسم العالم إلى أجناس صنّفت لخدمة الغرض نفسه، فالعالم الأول هو المتقدم المحصور في دول أوروبا وأميركا ومن تابعهم نهجاً وسلوكاً. والعالم الثاني، ثم النامي أو الثالث، وهم يتعاملون مع العالم النامي على أنه "نائم" مناقضين بذلك مبدأ "الأخوة في الإنسانية" الذي يتشدقون به، فراحوا يعبثون به كيفما شاءوا فيضعون له النظم واللوائح والمشروعات والاقتراحات ويقيمون أو يسقطون من شاءوا تحت شعارات مكذوبة أو قضايا ملفقة، فلقد أسقط النظام العراقي الظالم المستبد وإلى الآن لم يقم النظام العادل في العراق ليُستنزف النفط العراقي حتى ولو استنزف مع كل حقل بترول ما يساويه من الدم العربي الذكي. ورحم الله القائد العبقري الفذ المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حين قال قولته المشهورة:"البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي"، مؤكداً نفاذ بصيرته ورؤيته الثاقبة لمجريات الأمور، فأطلق المقولة التي توضح للعالم مكانة العربي المسلم في شرق الأرض أو مغربها. فهل طبّق الغرب مبدأ الأخوة في الإنسانية في العراق، خاصة في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدتها المدن العراقية؟ لقد تعرّت مزاعم المستعمر في العراق وتجلّت أكاذيبه للعالم من أول أكذوبة البحث عن أسلحة الدمار الشامل إلى مسألة إرساء الديمقراطية والحرية في بلاد الرافدين.
سليمان العايدي - أبوظبي