يوم الأحد الماضي أدت الحكومة الجديدة اليمين القانونية أمام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله". لقد اقسم الوزراء بأن يعملوا من أجل الوطن والمواطن وألا يدخروا جهداً في ذلك، وجاء هذا اليمين بعد المفاجأة الرمضانية التي كان ينتظرها الكثيرون منذ زمن بعيد بالتعديل الوزاري الذي جرى مساء الاثنين 1-11-2004 والذي كان مهماً جداً، ووضع نهاية لحكومة الثماني سنوات.
لقد طالبنا مراراً بتعديل التشكيل الحكومي أو تغييره، وتلك المطالبة لم تكن مطالبة للتغيير من أجل التغيير، وإنما لأن الحكومة كانت بحاجة إلى تجديد دماء، وبحاجة إلى تعديل في بعض حقائبها التي لا تحتمل الانتظار ليس بسبب أشخاص ولا من أجل أشخاص، وإنما من أجل مصلحة الوطن والمواطن ونأمل أن يحقق التعديل الجديد ما كان يرجوه كل مواطن فالعمل الاتحادي بحاجة إلى اهتما م أكبر.
ما يميز التعديل الجديد هو أنه يبرز عودة الاهتمام بالحكومة الاتحادية، ولا نفشي سراً إذا ما قلنا إن الكثيرين في السنوات القليلة الماضية كانوا يشعرون بانحسار الاهتمام بالمؤسسات الاتحادية وبدور الحكومة الاتحادية لصالح المؤسسات المحلية، التي تطورت وتركت المؤسسات الاتحادية تعيش خلفها بسنوات، ولكن هذا التعديل الأخير للحكومة الاتحادية يؤكد أن هناك اهتماماً بالجهاز الحكومي الاتحادي، وأنه سيحظى ربما في المستقبل باهتمام أكبر بعد سنوات من التهميش والتركيز على المؤسسات المحلية والمشروعات المحلية. والتعديل الجديد يبدو أنه يخلق مجلساً نشيطاً ومتميزاً وفاعلا سيفعل العمل في المؤسسات الاتحادية ويجعلها حاضرة كغيرها من المؤسسات المحلية وهذا هدف استراتيجي مهم جداً.
ما ميز هذا التعديل الوزاري أيضاً هو أن أغلب من تم ضمهم من الوزراء هم من الشباب، وهذه خطوة في غاية الأهمية وتعكس بعد نظر المسؤولين في الدولة، فجهاز الحكومة والمسؤوليات الكبيرة صارت بحاجة إلى وجوه شابة وسواعد متحمسة، وهذا ليس انتقاصاً من شأن من تعدوا سن الشباب وإنما هو المنطق والواقع الذي يتطلب أن يكون للشباب دور قيادي ورئيس في بعض مؤسسات الدولة الاتحادية. من أجل تفعيل عمل مجلس الوزراء وجعله أكثر سرعة وديناميكية وتفاعلا مع ما يجري على أرض الواقع.
ما ميز التعديل أيضاً هو دخول وزيرة في الحكومة، وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام وعدت ابنة الإمارات بأن تكون وزيرة، وأوفت بوعدها الذي قطعته وتم تعيين معالي الشيخة لبنى القاسمي لتصبح أول امرأة تتولى حقيبة وزارية في حكومة الإمارات، بل وتتولى وزارة في غاية الأهمية هي وزارة الاقتصاد والتخطيط في زمن الكلمة الأولى فيه للاقتصاد والاحترام البالغ فيه للتخطيط.
ربما تستطيع الحكومة الاتحادية الجديدة بما طعِّمت به من كوادر وزارية فاعلة ومتميزة وعالية الكفاءة أن تغير بعض الأمور، وأن تدخل القرن الجديد بروح جديدة، وأن تكشف لنا صورة دولة الإمارات الجديدة التي تتماشى مع القرن الحادي والعشرين وما يتميز به من سرعة وتكنولوجيا واهتمام بالموارد البشرية وتنميتها واهتمام بالمواطن وهمومه. إمارات جديدة بعقلية جديدة وخطط مدروسة واستراتيجيات محددة وأهداف واضحة واقتصاد سليم ومتناسق ومتكامل بشكل تلقائي.
سيكون الوزراء القدامى الذي حافظوا على حقائبهم تحت مجهر المواطنين والمسؤولين، لأنهم مطالبون بالاستمرار في التميز إن كانت وزاراتهم متميزة، ولأنهم مطالبون بتعديل وضع وزاراتهم بعد أن حصلوا على فرصة جديدة للتعديل وتحقيق أحلام المواطنين وأهداف الوطن. وسيكون الوزراء الذين تولوا حقائب جديدة تحت المجهر أيضاً وخصوصاً أولئك الذين تولوا مسؤوليات وزارات كانت مثار جدل وانتقاد المواطنين وغير المواطنين خلال سنوات عديدة، فالكل يترقب منهم أن يكونوا مختلفين وألا تكون وزارة اليوم كوزارة الأمس.
كعادته فقد بدأ معالي الشيخ نهيان بن مبارك وزير التربية والتعليم باكراً في ترتيب وضع الوزارة ولم يتأخر كثيراً في وضع تصور لعملها، والاجتماع بالقيادات فيها وإيصال أفكاره ورؤيته المستقبلية في هذه الوزارة. وباستلام الشيخ نهيان لحقيبة التربية فإن الميدان التربوي صار يشعر بتفاؤل كبير من المستقبل ويبدو أنه مستعد لأن يبدأ العمل بروح جديدة .
أما معالي الشيخ حمدان بن مبارك وزير الأشغال فستكون لديه مسؤوليات جديدة هذه المرة بعيداً عن الطيران والمطارات وربما أهم ما ينتظره المواطنون من معاليه شيئان اثنان، الأول إعادة النظر في آلية عمل مشروع الشيخ زايد للإسكان والذي بحاجة إلى تعديل أوضاعه من الداخل حتى يتم تلافي المشكلات التي يعاني منها المستفيدون من هذا المشروع. والأمر الآخر هو إعادة النظر في حال كثير من الشوارع الخارجية في الدولة والتي تحتاج إلى أن تكون في مستوى أفضل وأول طريق يحتاج إلى اهتمام من معاليه هو طريق (دبا – مسافي) الذي يطلق عليه سكان المنطقة "شارع الموت" وهم لا يبالغون في هذا الوصف.
التصريحات الأولية لمعالي الدكتور علي الكعبي وزير