كشف معالي د. علي عبدالله الكعبي وزير العمل والشؤون الاجتماعية، في حديث صحفي أمس عن التوجهات المستقبلية للوزارة، وهي توجهات يصعب الحكم عليها قبل أن ترى النور، ولكننا نشد على يد الوزير الجديد وندعو له بالتوفيق في تنفيذ رؤيته لتصحيح أوضاع سوق العمل، وأيضا ضبط أوضاع هذه الوزارة الحيوية التي اعترف الوزير نفسه بأنها تعاني الفوضى وعدم الانضباط. ومن بين القضايا المتعددة التي تناولها الوزير في حديثه تناوله لمعالجة التركيبة السكانية "من زاوية وزارة العمل". وهنا تثور تساؤلات حول عدم وجود سياسة شاملة للحكومة بمختلف وزاراتها تجاه مسألة التركيبة السكانية، إذ لا يكفي أن تعمل كل وزارة من زاويتها ووفقاً لرؤيتها الخاصة من أجل معالجة هذا الملف الحيوي، فمهما كانت فاعلية جهود أية وزارة في هذا المجال، فإن الأمر يتطلب كذلك معالجة الموضوع من زواياه كافة وفي إطاره الأشمل، بحيث تكون المعالجات والحلول متكاملة تتفادى التضارب وأوجه القصور المحتملة. المؤكد أن الخط السياسي العام للدولة تجاه هذا الملف واضح ومحدد، ولكن ربما كانت هناك "ثغرة" نابعة من انفراد كل وزارة بمعالجة الأمر من "زاويتها" أو فيما يخصها بشكل يمكن أن يعرقل فاعلية الجهود المبذولة في هذا الإطار أو يحد منها على الأقل، وهناك أيضا حاجة ملحة إلى تكامل الجهود والتنسيق التام بين السياسات الاتحادية والسياسات المحلية في كل إمارة من إمارات الدولة بشأن ملف "التركيبة".
وثمة أمر آخر يلفت الانتباه في هذا الحديث المهم، إذ كنا نتمنى على الوزير الجديد أن يكون من بين أولوياته القصوى بناء قاعدة معلومات اتحادية أو مركزية متكاملة حول العمالة الوافدة وأوضاع سوق العمل في الدولة، خصوصاً أنه مُلمٌ تماماً بهذا القصور. ونعتقد أن توافر بنية تحتية معلوماتية قوية سيكون ركيزة قوية لعملية صنع السياسات واتخاذ القرارات سواء كان ذلك في وزارة العمل أو غيرها من الوزارات، فالمعلومات هي المعطى الاستراتيجي الذي يوفر ركيزة وأساساً قوياً يضمن سلامة القرارات والتوجهات وصحتها، وإن أحد أبرز أوجه القصور والإشكاليات الراهنة التي تعانيها سوق العمل حالياً يكمن فيما يمكن تسميته اصطلاحاً بالفوضى والضبابية المعلوماتية. وفي هذا الإطار حدث ولا حرج، فهناك قصور هائل في تحديد أعداد العمالة الوافدة نوعاً وكماً، وهناك غياب أية إحصاءات دقيقة حول بطالة المواطنين، بل ليس هناك أي حصر لأرقام العمالة المواطنة وتخصصاتها أو التوزيع القطاعي لها، فالأرقام تتفاوت وأحياناً تتضارب بشكل لا يليق بإدراكنا لأهمية المعلومات في عملية صنع القرار، ويتناقض أيضاً مع المكانة والمرتبة التي ارتقت إليها الدولة على صعيد الاستفادة من ثورة المعلومات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية