لأول مرة منذ عام 1971، تشهد الجامعات الأميركية هذا النقص المريع في عدد الطلاب الأجانب فيها. فقد تسبب التأخير والإطالة في إجراءات تأشيرة الدخول، في دفع آلاف الطلاب الأجانب إلى التفكير فيما إذا كانت الدراسة في الولايات المتحدة، تستحق كل هذا العناء والانتظار. وعلى الرغم من التحسن الذي طرأ على التسريع في إجراءات إصدار تأشيرة الدخول، إلا أن هناك عدداً من العوامل المؤثرة سلباً على قدرة الولايات المتحدة على جذب الطلاب الأجانب إلى جامعاتها ومؤسسات تعليمها العالي. ومن بين هذه العوامل، تباطؤ الاقتصاد الأميركي نفسه، ونمو التعليم العالي على نحو ملحوظ في دول أخرى مثل الهند والصين، علاوة على المنافسة الحادة التي تواجهها الولايات المتحدة الأميركية في مجال التعليم العالي، من قبل الدول الأخرى الناطقة باللغة الإنجليزية.
أعربت عن هذه الظاهرة "أورسولا أوكس"، الناطقة الرسمية باسم "جمعية المعلمين الدوليين" في واشنطن بقولها: إن التنافس على أشده معنا هناك في بلدان العالم الأخرى. ولم يعد انقطاع الطلاب الأجانب عن الالتحاق بجامعاتنا ومؤسسات تعليمنا العالي، رهينة الأحداث والتطورات الأمنية التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر. علينا أن نعترف بأننا، ومنذ وقت طويل سابق لتلك الهجمات، لم نعد قبلة الطلاب الأجانب، ولا ذلك المغناطيس التعليمي الذي كناه في الماضي. ويتطلب هذا، الاعتراف قبل شيء، بأننا تأخرنا عن الركب، بينما يمور العالم من حولنا بالسرعة والحيوية والحركة، وعروض التعليم العالي الأرخص والأكثر جاذبية.
وفي حين أعلن "معهد التعليم العالمي" في تقريره الأخير الذي يحمل عنوان "الأبواب المفتوحة" أن نسبة التحاق الطلاب الأجانب بالجامعات والمعاهد العليا الأميركية، قد انخفضت بنسبة 4.2 في المئة، خلال العامين 2003-2004، فقد وصلت نسبة الانخفاض هذه في بعض الجامعات، إلى أكثر من 24 في المئة خلال الفترة ذاتها. وعلى المستوى القومي العام، فقد انخفضت نسبة التحاق الطلاب الأجانب بالمستوى الجامعي في أميركا، بنسبة 5 في المئة، بينما ارتفعت نسبة الطلاب الأجانب في مؤسسات وأقسام الدراسات العليا، بنسبة 5.2.
إلى ذلك، تستخدم بعض الدول، قصصاً مثيرة لرعب الطلاب، عن إجراءات الحصول على تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، بغية الترويج لجامعاتها ومؤسساتها التعليمية، وتسويقها. وهذا جانب من المشكلة، غير أن الأهم من ذلك، هو التنسيق الذي حدث وما يزال يحدث، بين الحكومات والجامعات في البلدان الأخرى الناطقة باللغة الإنجليزية، وقد أثمر هذا التنسيق عن ارتفاع معدل تسجيلاتها للطلاب الأجانب في برامجها التعليمية، في الوقت الذي انخفضت فيه هذه التسجيلات، هنا في الولايات المتحدة الأميركية. وبلغة الأرقام ذاتها، استطاعت بلدان مثل بريطانيا، وأستراليا، بل وحتى كندا المجاورة لنا، زيادة عدد الطلاب الأجانب المسجلين فيها في مختلف المستويات الدراسية، إلى الضعف تقريباً، خلال السنوات الأخيرة الماضية.
تداركا لهذا الانخفاض، اجتمعت خمس مجموعات تعليمية، تمثل كبرى الجامعات الأميركية، ودعت الرئيس بوش للعمل مع خبراء الاستراتيجية القومية، من أجل الحفاظ على استمرار تدفق الطلاب الأجانب إلى مؤسساتنا التعليمية. وفي نظر الجماعات الخمس، أن الانطباعات والنوايا التي يخرج بها الطلاب الأجانب الذين يتلقون تعليمهم في مؤسساتنا التعليمية، والصورة التي ينشرونها عن هذه البلاد، تعد جزءا أصيلا مما نحتاجه في مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر. فوق ذلك، فإن الكثير من برامج التعليم ما فوق الجامعي – لا سيما الرياضيات والعلوم- تعتمد اعتماداً كلياً على الطلاب الأجانب. أما على الصعيد المالي والاقتصادي، فيسهم الطلاب الأجانب بحوالي 13 مليار دولار سنوياً، في الاقتصاد الأميركي.
وعلى المدى القريب، فإن هناك حاجة ماسة لبذل الجهود والقيام بالمزيد من مساعي العلاقات العامة، الرامية إلى استقطاب الطلاب الأجانب، وإقناعهم بأنهم مرحب بهم في الجامعات والمعاهد الأميركية، وبأن الحصول على تأشيرة الدخول، ليست بتلك الصعوبة التي كانت عليها قبل عام أو عامين من الآن. ذلك هو رأي "جون إبيرسول"، الإداري المشارك، وعميد التعليم المستمر في جامعة بوسطن. وفي غضون ذلك، فإن الجامعات والمعاهد الأميركية، تواصل بذل المزيد من الجهد في سبيل إغراء الطلاب الأجانب الملتحقين بها، وتذليل حياتهم وبيئتهم الدراسية. وعلى صعيد آخر، قررت جامعة إنديانا، إعطاء المزيد من المنح الدراسية خلال العام الدراسي الحالي، بعد أن رأت أن نسبة التحاق الطلاب الأجانب بها قد انخفضت إلى نسبة 21 في المئة، في المستوى فوق الجامعي، وبنسبة 14 في المئة في المستوى الجامعي. وفي هذه الجامعة، كان الطلاب الأجانب يستحقون مساعدة مالية تتراوح بين 1000 إلى 6000 دولار سنوياً. غير أن الجامعة، طرحت علاوة على ذلك الحق، مساعدة مالية إضافية، قيمتها 1000 دولار، لأي من الطلاب الذين لم يفوزوا بتلك المنحة الد