أتمنى في العام الجديد أن يتحلى الشعب الأميركي والسياسيون ووسائل الإعلام الإخبارية بالمزيد من الصبر عندما يتعلق الأمر بقضايا الأمن الوطني المعقدة. ولنأخذ هذين المثالين: خطوات الرئيس باراك أوباما لإعادة وصل العلاقات مع كوبا التي أعلنها يوم 17 ديسمبر، وملخص يتألف من 500 صفحة عن تقرير لجنة استخبارات مجلس الشيوخ الأميركي بشأن التحقيقات في برنامج الاحتجاز والاستجواب لوكالة «سي.أي.أيه» الذي نشر يوم التاسع من ديسمبر. فلم يمر أكثر من أسبوعين تقريباً على إعلان الرئيس عن رغبته في تغيير سياسات واشنطن على امتداد 53 عاماً تجاه كوبا حتى تذمر بعض السياسيين والصحفيين بأنهم لا يرون شيئاً قد تغير فيما يبدو. فالعلاقات الدبلوماسية لم يعد وصلها، ولم يتضح بعد الموعد الذي سيفرج فيه عن 53 سجيناً سياسياً في القائمة الأميركية، والديمقراطية لم تعد إلى الجزيرة وأسرة كاسترو ما زالت في السلطة والسياح الأميركيون لا يمكنهم ببساطة أن يحجزوا تذاكر طيران للذهاب إلى كوبا. وحتى ما يبدو أنه خطوات مبدئية أولى سيستغرق بعض الوقت، كما أكد جميع مسؤولي إدارة أوباما باستمرار. وقد عبرت باولا جاكوبسون، مساعدة وزير الخارجية لشؤون النصف الغربي من العالم، عن هذا الموقف في إفادة صحفية يوم 18 ديسمبر قائلة، إنه لا «خطوة من الخطوات التي أعلنها الرئيس ستنفذ على الفور...يتعين علينا العمل مع الحكومة الكوبية...وتغيير اللوائح وهو ما تعمل عليه وزارة الخزانة ووكالات أخرى حالياً». ووزارة الخزانة تقول، إن الأمر سيستغرق أسابيع لتنقيح هذه السياسات ووزارة التجارة أوضحت أن الأمر يستغرق شهوراً لتعديل لوائح التصدير والاستيراد، ولكن لطالما كان عدم الصبر من السمات الأساسية عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية الأميركية. وهناك عدم صبر مختلف تذكية المنافسة وضخ الإنترنت الآني عبر العالم، ويمثل تحدياً لتغطية أحداث السياسة الخارجية والأمن الوطني الأميركية. والمثال الجيد على هذا هو الوصف غير المكتمل الذي استند إلى التقرير الذي أصدرته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي وقد رسم صورة لأنشطة «سي.أي.أيه» بين عامي 2002 و2004 مع التقليل من شأن التخويل الممنوح للوكالة من البيت الأبيض ووزارة العدل. فعملية الإيهام بالغرق التي طبقتها «سي.أي.أيه» بدأت في أغسطس 2002 وقد أجريت على ثلاثة أشخاص مهمين من «القاعدة»، وانتهت في مارس 2003 قبل 11 عاماً. وأنهت «سي.أي.أيه» كذلك ما سمي «أساليب الاستجواب المعزز» الأخرى في عام 2005، والآن تركت الوكالة نشاط الاحتجاز والاستجواب المعزز كلية. وتحقيق لجنة مجلس الشيوخ معيب منذ البداية، لأنه لم يجر مقابلات مع مسؤولين على دراية بهذه الأساليب من «سي.أي.أيه»، أو البيت الأبيض أو وزارة العدل. وملخص أغلبية لجنة التحقيق الذي استغرق خمس سنوات جاء في 500 صفحة، وآراء أفراد أقلية اللجنة الذين أخذوا في الاعتبار الكثير من النتائج واستعانوا بحقائق أخرى جاء في 159 صفحة. وجاء رد «سي.أي.أيه» في عام 2013 على الكثير من المسائل في مسودة تقرير اللجنة في 136 صفحة. وقد نشرت هذه الصفحات البالغ عددها 795 وتيسرت لمعظم الصحفيين صباح يوم 9 ديسمبر، وقُدمت إفادة لبضع مؤسسات صحفية، منها «واشنطن بوست» عن التقرير بحلول الظهيرة قبل أن يحصل أفراد اللجنة أنفسهم على نسخ من التقرير ليقرؤوها. ونشرت قصص على الإنترنت عن التقرير صباح 9 ديسمبر، بعد أن قدمت السيناتور الديمقراطي ديان فاينشتاين رئيسة اللجنة إفادتها عن التقرير في مجلس الشيوخ. وكتاب القصص الجيدة استغرقوا بعض الوقت كي يوازنوا بين حقائق اللجنة وتقرير الأقلية ومعلومات «سي.أي.أيه» نفسها، وبالإضافة إلى هذا وفي غضون ساعات، نشر مسؤولون سابقون من «سي.أي.أيه» وثائق أصلية مرفوع عنها حظر النشر على مواقعهم على الإنترنت، وبعضها أضاف محتوى وبعض الحقائق لدراسة اللجنة. وربما يستغرق اكتمال القصة شهوراً أو سنوات على الأرجح، وقد كتبت فاينشتاين في تقديمها للدراسة، «لن نسمح مرة أخرى للتاريخ أن يُنسى أو تتكرر أخطاء الماضي المروعة»، وفي هذه القضية خلق الاستعجال تاريخاً منقوصاً، وهذا خطأ آخر يجب ألا يتكرر. والتر بينوكس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»