ماذا لو توصل الأطباء إلى طريقة جديدة لتشخيص أمراض القلب في غضون ثوانٍ معدودات توفر الصور بوضوح وتكشف عن كل شريان مسدود وبتفاصيل دقيقة كأنك تحمل قلباً بين يديك؟ في الحقيقة أن هذه الوسيلة أصبحت متوفرة وشرع في استخدامها في مناطق منتشرة في أنحاء العالم وهناك اتفاق متسع على أنها ستشعل ثورة في مجال أمراض القلب. ويمكن لأجهزة المسح هذه أن تحل محل أجهزة تشخيص تصلبات الأوعية الباهظة التكلفة وتعمل بطريقة ثقيلة في البحث عن الانسدادات في الأوعية الدموية. وبإمكان أجهزة المسح الجديدة أن تجعل التشخيصات أكثر سهولة بحيث لن يتردد الأطباء في استخدامها. ومن المتوقع أن تكلف الماسحة الجديدة مبلغ 700 دولار فقط مقارنة بمبلغ 4000 دولار للجهاز الذي يعمل به حالياً. وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الأجهزة الماسحة لا تحتاج إلا إلى بضع ثوان من أجل تشغيلها كما لا تحتاج إلى زمن لإعادة تشغيلها بينما كان الجهاز القديم يستغرق في ذلك قرابة الساعة إذ يضطر المرضى للبقاء في المستشفى لمدة يوم كامل على الأقل. وبإمكان أجهزة المسح الجديدة رؤية الخطوط العريضة للشعيرات الدموية، بالإضافة إلى جميع التفاصيل داخل وخارج هذه الشعيرات.
ورغم ذلك ما زال هناك اختلاف بشأن ما إذا كانت هذه التقنية الجديدة المعروفة باسم Mulitdetector CT لمسح القلب ستفضي إلى نتائج إيجابية بالكامل. وتستند دعاوى المنتقدين إلى أن هذه التكنولوجيا ستصبح عرضة للمبالغة والتجاوز في الاستخدام حيث يعمد الأطباء إلى مسح أشخاص لا يحتاجون إلى ذلك مما يؤدي إلى اكتشاف وإصلاح مشاكل طبية أخرى لا تحتاج أصلاً إلى المعالجة. وقد اختلف المتخصصون في أمراض القلب حتى في داخل مؤسسة واحدة، إذ يقول الدكتور ماريو جيه جارسيا مدير مختبر أمراض القلب في كيفلاند كلينيك إن هذه الأجهزة "ستعمل على إحداث ثورة شاملة في الطب حيث إن عمليات تشخيص أمراض القلب سيحدث لها تحول مهم ويتم إنقاذ العديد من الأرواح". ويعطي دكتور جارسيا مثالاً مشيراً إلى أن معظم الأشخاص الذين يأتون إلى غرفة الحوادث وهم يعانون من آلام في الصدر يمكن أن يكون مصدر هذا الألم شد في العضلات وليس ضربة قلب، ومع ذلك فإن العديد منهم يتم إدخاله إلى المستشفى وفرض رقابة عليه لمدة 24 ساعة. ويمضي قائلاً:هذا أمر باهظ التكلفة إذ يتعين عليك إجراء فحوص للدم ومراقبة القلب يوماً كاملاً وقد تضطر إلى إجراء فحوص للضغط قبل أن تترك المريض يذهب إلى منزله.
وفي حال خرجت الفحوص ببعض الشكوك يتم إرسال المريض لكي يخضع لجهاز تشخيص أمراض القلب. ولكن دكتور جارسيا يقول أيضاً: إن وجود جهاز CT في غرفة الطوارئ يمكنه التقاط صورة تبلغك بنوع الحالة في سرعة شديدة عما إذا كان الألم ناتجاً عن شريان مسدود أم لا.
ومن جهة أخرى فإن الدكتور ستيفن رئيس قسم أمراض القلب وزميل دكتور جارسيا في كليفلاند كلينيك يحمل وجهة نظر مختلفة. ويقول دكتور نيسين الذي يطالب بضرورة وضع ضوابط مشددة بشأن استخدام هذه الأجهزة الجديدة:"بالنسبة لي فإن هذا الأمر بمثابة كابوس يوشك أن يتنزل على أرض الواقع. وأخشى أن تصبح من الصعوبة بمكان السيطرة على هذا الجهاز الذي يمكن أن يلحق أضراراً بنظام الرعاية الصحية من ناحية التكلفة". ويتفق الخبراء في مجال الطب على أن هذا الوقت قد أصبح استثنائياً في مجال طب القلب. واعتماداً على أي الطرق التي سيسلكها سوق الماسحات فإن أية دولة سيتسنى لها إما توفير ثروة هائلة في فحوص التشخيص بالإضافة إلى التحسن الهائل الذي سيطرأ على مجال الرعاية الصحية، أو من الممكن أن ترتفع التكاليف إلى مستويات عالية وتلحق أضراراً جسيمة بالمرضى. إذن فإن السؤال يجب أن ينصب على كيفية السيطرة على هذه التكنولوجيا القادمة؟.
وعبر استخدام هذه الماسحات الجديدة فإن معظم المرضى الذين يعانون من آلام في الصدر أو أعراض أخرى لن يحتاجوا إلى أجهزة تشخيص القلب الحالية للتعرف على شريان تاجي قد جرى انسداده أو تضاءل حجمه جراء تصلب الشرايين. وكانت تلك الإجراءات تستغرق فترة 45 دقيقة وتتطلب تسكين آلام المريض وربط قسطرة من الفخذ إلى القلب وحقن المريض بنوع خاص من الصبغة بالإضافة إلى التقاط صور بأشعة إكس توضح الخطوط العريضة للأوعية الدموية. وهي إجراءات تكلف أربعة أمثال ما يتوقع أن تتضمنه أجهزة CT للمسح.
وفي ظل اهتمامها البالغ بمستقبل أجهزة المسح الجديدة اندفعت الشركات من أمثال "جنرال إليكتريك" و"سيمنز" و"فيليبس" و"توشيبا" في منافسة حادة لتصنيع هذه الماكينات. وأشارت هذه الشركات إلى إمكانية توفير أموال هائلة في نظام الرعاية الصحية عبر استبدال أجهزة الفحص القديمة بشكل يدر الأرباح على الأطباء والمستشفيات وكذلك المصنعين. ويذكر أن مئات المراكز الطبية لديها أجهزة مسح بإمكانها توضيح حالة القلب وأوعيته الدموية ولكن الشركات قد شرعت الآن فقط في تركيب آخر ما طورته من هذه الأجهزة التي تحتوي على 64 كاشفة مقارنة بالماكينات القديمة التي لديها 4 كاشفات في معظم الأحوال ولا تتم