كشف فريق علمي ثالث، اضطلع بإجراء دراسات على كوكب المريخ، عن حقيقية علمية جديدة وفي غاية البساطة، هي احتواء الغلاف الجوي للكوكب على غاز الميثان. صحيح أن الاكتشاف يبدو بسيطا في ظاهره، غير أنه ينطوي على أهمية بالغة، بما فيها تفسير ظاهرة وجود الميكروبات وبعض الكائنات الحية الأولية على سطح الكوكب. صرح بهذه المعلومة الدكتور مايكل موما، العالم الفلكي بمركز الرحلات الفضائية بوكالة "ناسا"، أثناء حديث له في اجتماع قسم علوم الكواكب، التابع لجمعية الفلكيين الأميركيين المنعقد في مدينة لويسفيل بولاية كنتاكي. وقال الدكتور موما إن ثلاثة أعوام من البحث المتواصل لأعضاء الفريق، توصلت إلى أدلة قوية على وجود غاز الميثان في الغلاف الجوي لكوكب المريخ. "نحن متأكدون بنسبة 99 في المئة من وجود الميثان في الكوكب، ولا زلنا نواصل العمل فيما يمكن أن تعنيه هذه الحقيقة" كما جاء على حد تعبيره. والمعروف عن غاز الميثان علميا، أنه أبسط جزيئات الهيدروكربون، ويتكون من ذرة كربون واحدة وأربع ذرات هايدروجين، ويتسم بكونه غازا خاملا وأخف وزنا من الهواء، وبقابليته للتفكك حين تعرضه للأشعة فوق البنفسجية.
كما أظهرت التقديرات الزمنية التي أجراها الفريق، أن غاز الميثان، قد ظل ضمن المكونات الغازية لكوكب المريخ خلال الـ 300 عام الماضية. وهناك فيما يبدو احتمالان فحسب لتفسير وجود غاز الميثان في المريخ. أحدهما التفاعلات الجيولوجية الحرارية الكيميائية، التي تتضمن الماء والسخونة، مثل تلك التي تحدث في كوكب الأرض، سيما في مناطق الينابيع الساخنة، مثلما هو حال ينابيع " يلو ستون" أو في المنافذ المائية الحرارية في قيعان المحيطات. وقال الدكتور موما، إن هذه الحقيقة، ستكون خادعة جدا بالنسبة للعلماء الجيولوجيين. فعلى الرغم من أن الماء المتجمد قد عرف وجوده في سطح المريخ، إلا أنه لا يوجد أي أثر لحركة بركانية نشطة حدثت هناك، على امتداد ملايين السنين. كما بحث جهاز خاص، زودت به " مركبة أوديسا" التابعة لوكالة ناسا، عن البقع الدافئة هناك، ولم يعثر على أي منها.
أما المسألة الخادعة الأخرى، فتتمثل في وجود الحياة هناك. ففي كوكب الأرض، يعرف نوع من أنواع البكتيريا باسم " الميثانوجين". وقد اتخذت البكتيريا هذا الاسم، لكونها تزفرغاز الميثان، باعتباره أحد فضلاتها ومخرجاتها التي تطردها عن جسمها. وفيما لو تأكدت هذه الحقيقة، فإنها تشير على الأرجح، إلى أن الكوكب كان قد شهد حياة أكثر سخاء قبل نحو مليارات من السنين، وأن بعض مظاهر هذه الحياة وأشكالها، لا تزال تعيش إلى اليوم، تحت السطح الثلجي الجامد للكوكب.
من جانبه أكد الدكتور فلاديمير كراسنوبولسكي، من الجامعة الكاثوليكية في واشنطن، أن البكتيريا، هي الاحتمال الأكثر ترجيحا لوجود غاز الميثان على سطح المريخ. يذكر أن الدكتور كراسنوبولسكي، هو رئيس لأحد الفرق العلمية التي تضطلع بدراسة الكوكب. ولكن هناك من يبدي تحفظه حيال هذا الاستنتاج. من بين هؤلاء، الدكتور فيليب آر. كريستنسين، أستاذ العلوم الجيولوجية بجامعة ولاية أريزونا. يشار إلى أن الاستنتاجات التي توصل إليها الدكتور كراسنوبولسكي، قد اعتمدت على مراقبته للكوكب عبر المنظار الكندي-الفرنسي المنصوب في جزر هاواي، وكان قد سبق له أن أعلن ما توصل إليه من نتائج، خلال مؤتمر عقد في أوروبا خلال العام الجاري، ويتوقع لتلك النتائج أن تنشر في مجلة "إيكاروس" العلمية.
تأكيدا لوجود غاز الميثان على سطح المريخ، كان العلماء الأوروبيون العاملون في بعثة "إكسبريس" الأوروبية للمريخ، قد أكدوا في شهر يناير من العام الجاري، ملاحظتهم لوجود الميثان في سطح المريخ. وبعد أشهر قليلة من بعثة "إكسبريس"، صرح الدكتور فيتريو فورميسانو من "معهد الفيزياء وعلوم الكواكب" في روما، وهو قائد الفريق الأوروبي المشار إليه آنفا، بأن الميثان يكثر وجوده في الكوكب، في المناطق التي يعرف فيها وجود الماء المتجمد، تحت سطح المريخ.
وعلى أية حال، فقد بحثت الفرق العلمية الثلاثة المهتمة بدراسة كوكب المريخ، وجود جزيئات الميثان في الغلاف الجوي للكوكب، عن طريق فحص ضوء قوس قزح المنبعث منه. فهناك جزيئات تمتص الألوان المحددة والمختلفة في الوقت ذاته، الأمر الذي تنتج عنه سلسلة من الخطوط السوداء، التي تحجب جزءا من ألوان الطيف المكونة لقوس قزح. ويحدد عرض الخطوط السوداء، عددها. يذكر أن العالمين، دكتور فورماسينو ودكتور كراسنوبولسكي، قد بنيا استنتاجاتهما على ملاحظة خط أسود واحد فحسب، بين تلك الخطوط. خلال هذا الشهر، كانت مجلة "العلوم" قد نشرت نتائج الفريق العلمي الأوروبي المشارك في بعثة "إكسبريس". ولكن أعرب الدكتور كريستنسين من جامعة أريزونا، عن عدم قناعته بالنتائج المنشورة. وقال تعبيرا عن هذا: لا بد لي من الاعتراف بدهشتي إزاء نشر تلك النتائج، لكونها لا تعكس شيئا، سوى الضجيج الصادر عن الجهاز الملحق بالمسبار الأوروبي " إكسبريس".
أما الدكتور موما، فقال إن ملاحظاته الأ