يبقى الاتحاد هو الأصل في هذه النهضة المباركة، فهو القلب والرئة والعمود الفقري لحضورنا ولوجودنا ولمكاننا في المنطقة والعالم. وحماية هذا الاتحاد وصون كيانه ومحورية دوره أساس لكل ما بنيناه وقاعدة لكل إضافة جديدة للتجربة الإماراتية الحية والمتجددة. وأما تفعيل المؤسسات الاتحادية في الفترة القادمة فهو الطريق الذي ننشده لنكمل مسيرة العطاء والاستقرار التي زرع بذورها ورعى جذورها الصلبة الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه. ومن خلال هذه القناعة السائدة لا يسعنا إلا أن نرحب وأن نشيد بالتجديد والنشاط الذي يعم المشهد الاتحادي في الأيام الماضية، وبالدماء الجديدة التي تشارك من خلال التعديل الوزاري، والدمج الذي طال انتظاره للعديد من المؤسسات الاتحادية والذي أعطى مفعولاً إيجابياً لكونه حراكاً إيجابياً لابد منه.
ومن خلال متابعة الصحافة المحلية يتجلى أمامنا هذا النشاط، ويشمل فيما يشمل التصريحات الصحفية للوزراء الجدد ولقاءاتهم مع قيادات وأركان الوزارات التي يترأسونها. ومثل هذا الحراك لا شك أنه يدعو للتفاؤل. ففي الحركة كما يقال بركة، وعلينا بطبيعة الحال أن نمهل الفريق الجديد بعض الوقت لنقيّم الإضافات المتوقعة منهم والابتكارات التي سيأتون بها. وفي هذا الصدد نجد أن التوجهات لعلها اختلفت بعض الشيء من وزير أعلن منذ البداية بعض الخطوط العامة للمرحلة القادمة وآخر طلب مهلة لدراسة واقعه على الأرض ليكشف عن الجديد الذي سيقدمه. ومثل هذا التنوع في التعامل مع الإعلام ومع التوقعات الكبيرة والتي تسود الشارع مقبول في هذه المرحلة، فلكل طريقته والمهم في خاتمة المطاف النتيجة. ولا يجوز لنا أن تكون أحكامنا مسبقة وعلينا أن نمر بفترة "شهر العسل" المعتادة في مثل هذه التحولات، ولا نضيف جديداً حين نشير إلى أن تركة البعض أثقل وخاصة في قطاعي التعليم والعمل.
كثيراً ما تناول كتّابنا في السنوات الأخيرة تراجع الأداء الاتحادي مقارنة بالأداء المحلي، ونحن اليوم أمام فرصة متجددة لتعزيز الأداء الاتحادي ورفع مستواه دون أن يكون ذلك على حساب المحلي والذي نحرص على أن يكون عطاؤه متميزاً ومتطوراً. فالمعادلة التي أمامنا لا تقوم على ارتفاع أداء معين على حساب تدني أداء الآخر، ولكن النجاح يكمن في فاعلية الأجهزة المختلفة ومستوى وجودة الخدمات التي تقدمها جميع المؤسسات للمواطن الإماراتي، ومع التشديد على هذه الحقيقة نعود ونكرر أن الاتحاد هو الأصل وهو الإنجاز الأكبر للوالد الراحل والذي جمع ما كان متفرقاً وخلق كياناً يبقى أكبر من مجموع فروعه.
واليوم نواكب مرحلة يملؤها التفاؤل في ظل قيادة رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "حفظه الله"، فهو خير خلف لخير سلف، ومن خلال مساهماته المتعددة وعطائه المستمر ندرك أن سفينة الاتحاد يقودها ربان ماهر سيكمل السير في النهج الذي جعل دولتنا واحة استقرار وعطاء ومثالاً عربياً ناجحاً في مرحلة يحتاج فيها العرب للتجارب الناجحة. ودورنا كمواطني هذا البلد يجب أن يكون دوراً إيجابياً فعالاً في مساندة قيادتنا السياسية وفي التكاتف حولها وفي تأدية واجبنا الوطني كلاً في موقعه. فالتحديات القادمة كبيرة وتضافر الجهود مطلوب وازدهار هذه الشراكة الناجحة بين المواطن وقيادته يمثل الضمان الأول للنجاحات القادمة. كما أن تعزيز شعور العائلة الواحدة وضرورة رصّ الصفوف وحشد الجهود لتحقيق الطموح ضرورة ما بعدها ضرورة.
المؤشرات خلال الفترة القصيرة الماضية مشجعة وخاصة فيما يتعلق بالتجديد والإبداع في المؤسسات الاتحادية. فكما بدأنا، نختم لنقول إن الاتحاد هو الأصل وهو الإرث الأكبر لفقيد الوطن الكبير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.