ليس سراً أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمملكة العربية السعودية، ربما تحمل في طياتها إشارة إلى احتمالية توافق سعودي – تركي مضاد للتوسع الإيراني في المنطقة، الذي يتمدد يومياً في ظل مباركة أميركية. لكن هل ثمة ضرورة للتوافق السعودي- التركي؟ ربما تكون هناك ضرورة لكن الأهم هو التوافق الخليجي، الذي لابد أن يأخد مدى وأبعاداً أهم وأكثر عمقاً لتوحيد الصف الخليجي، وتفعيل دور المجلس في كل تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية لكل دولة. فالتوافق الخليجي وحل المشاكل العالقة هما الأهم استراتيجياً، والأخطر بقاؤهما على هذا الوضع المتراوح بين "نعم" و"لا" و"جيد" و"سيئ". فالواقع يحتم على دول مجلس التعاون أن تلتفت عند نقطة مهمة، وهي التعاون العميق الحقيقي، والذي لابد وأن تنعكس آثاره على مجمل الأوضاع العربية والعالمية. فالاستقواء بالأشقاء هو محل النجاح في بناء سياسات هادفة للحفاظ على مكتسبات خليجية مضادة للأهداف الإيرانية التي تسعى حثيثاً لتقويض هذه النجاحات والسيطرة على مفاصل الخريطة العربية، ليتسنى لإيران وضع شروط اللعبة وفقاً لمصالحها الخاصة ومصالح انتمائها السياسي، الذي تلبسه بلبوس ديني خارج لعبتها وللمنتسبين لمذهبها. فاستخدام الدين لدى إيران صار لعبة مكشوفة للعالم إلا من أتباعها الذين يصدقون أن هدفها هو الدين، وأنها تحارب إسرائيل، لأن الأخيرة تشن حروبها ضد دول عربية. فالتشيع الذي تنشره إيران اليوم في مجاهل أفريقيا وجهودها في إندونيسيا وغيرها من الدول السُنية، إنما هدفه هو صناعة المزيد من الأتباع العميان الذين ينفذون سياستها، التي لا تنتج عنها إلا مزيداً من الضحايا، ومزيداً من الدمار والأكاذيب. فلا مفر من زيادة فرص التعاون الخليجي – الخليجي، ولا أحد بإمكانه استيعاب هذه الحاجة إلا الخليجي بذاته، فالمعاناة والمشاكل المرتبطة بدول الخليج مشتركة ومتشابهة، وتستدعي تعميقاً لأواصر التعاون والالتقاء لصناعة فرص الخروج من هذا النفق المظلم الذي يحيط بالخليج منذ مدة ليست بالقصيرة. فالرياح العاتية هي ما يجب مواجهتها اليوم، والذي يحتم على دول مجلس التعاون أن يكون لها تعاون فاعل حقيقي سيثمر الكثير من الفرص لتحقيق النجاح. وهناك الكثير من المخاطر التي لابد من استئصالها، ولن يكون إلا بحلول مشتركة تتغاضى عن مصالح محدودة مقابل الصالح العام. للسعودية الحق في اختيار حلفائها، ولكن عليها أيضاً التأكيد على تعميق التعاون وتفعيله، لتصل دول الخليج إلى الاكتفاء بذاتها وتحولها إلى قوة رادعة ومؤثرة اليوم وغداً والمستقبل.