فيلم إثارة
من المتعارف عليه في عالم الأفلام أن أذواق الناس في العالم تتجه نحو متابعة أفلام الإثارة والعنف Action أكثر من غيرها من الأفلام. فالعنف أصبح محوراً أساسياً في التركيبة النفسية للشخصية المعاصرة. ومن أشهر أفلام الإثارة في هذا الزمان يأتي فيلم المهمة الصعبةMission Impossible، والذي يلعب دور البطولة فيه «توم كروز»، كما كانت قبل ذلك أفلام «ريمبو» و«جيمس بوند». هذه الأفلام تتمحور حول شخصية البطل الذي ينفذ أصعب أنواع المهام دون أن تطاله العدالة البشرية. ويتعرض خلال الفيلم إلى تحديات نفسية وجسدية، بل حتى عاطفة كثيرة، وفي هذه الأفلام هناك عنف وقتل ودم وجنس.
لو أردنا أن نترجم ما تقوم به «داعش» من زاوية أفلام العنف، فإننا نلحظ وجود شخصية البطل المحورية والغامضة، وفي هذه الحالة يمثل هذا الدور أبوبكر البغدادي. كما كان بن لادن هو البطل في فيلم «القاعدة»، وحسن نصر الله بطل سلسلة أفلام «حزب الله».
ومع البطل يوجد في كل فيلم نجوم فرعيون يقومون ببعض المهام الفرعية، فبعد وفاة أسامة بن لادن بقي للعالَم أيمن الظواهري الذي نسمع عنه بين الفينة والأخرى، كما أن النجوم الفرعيين في فيلم «داعش» كُثر منهم جون «أموزاي» . وفي أفلام الإثارة لابد من العنف ففي فيلم «داعش» رأيناهم يذبحون بالسيوف بعض ضحاياهم. ويقتلون بالرصاص على البحر الأبرياء من أهل مصر، ويحرقون بالنار الطيار الأردني.
ولأن أفلام العنف لا تخلو في جلها من بعض الرومانسية والجنس، نرى فيلم «داعش» لا يخلو من سبايا للاستمتاع بهن، فكما ذكرت «الإندبندنت» الأسبوع الماضي عن مصادر في الشرطة البريطانية تؤكد أن 60 شابة بريطانية سافرن إلى سوريا ليصبحن زوجات جهاديين. ولأن جودة الأفلام تتطور من حيث التقنية، نجد أن فيلم «داعش» أجود في هذا الإطار من أفلام «القاعدة» أيام بن لادن. فمشاهد حرق الشهيد الطيار الأردني تعجز عنها تقنية هوليود، ومشاهد إعدام ضحايا مصر في ليبيا منتجة بأرقى أنواع المثيرات، التي تجعل الإنسان في حيرة من كل هذه التفاصيل. فبعضنا يصدق الرواية التي تبثها قنوات الأخبار العالمية، والبعض يسخر ضاحكاً من كل ما يُقال. فبعد فيلم أحداث نيويورك وانهيار برج التجارة العالمي نتيجة اصطدام طائرتين به قادهما أفراد غزوة نيويورك كما قال بن لادن، أصبح الحليم حيراناً فيما يرى. ويتردد العقل في تفسير هذه الظواهر، وأصبحنا في العالم العربي والإسلامي ننتظر ما سيفسر عنه مستقبل الأحداث، حيث إن مشاهد الفيلم وفصوله لم تنته بعد. والكل أصبح مغرماً بتحليل هذه الظواهر. لكن أجهزة الإعلام في العالم تريد منا أن نتابع هذه الأفلام بالتركيز على أبطالها وأحداثها، ولا نستطيع البحث عن من هم أهم في صناعة هذه الأفلام وهم من كتب السيناريو، ومن وزع الأدوار، وأخرج هذه المشاهد العالمية، ومن استثمر أمواله لإنجاح هذه المهمة. إنْ بقينا في هذا المستوى من التحليل وصناعة القرار، فإننا نشغل أنفسنا بمحاربة شخصيات رمزية عندما يقرر المخرج انتهاء دورها قد تكون نهايتها بصورة درامية، كما رأينا مشهد رمي جثة بن لادن في البحر بعد مقتله على يد الفرقة الخاصة الأميركية. إن مفكري العالم العربي والإسلامي يتوقع منهم دور أكبر من ذلك في فك شفرة هذه الصراعات.
وكي أشارككم في حل لغز هذه الأحداث، أرجو منكم تحديد المجهول في العبارات القادمة، فيلم الإثارة «داعش» بطولة أبوبكر البغدادي، توزيع وكالات الأنباء العالمية والعربية، إخراج مجهول، كاتب السيناريو مجهول، التمويل مجهول المصدر.