نشرت مؤسسة أوكسفام نقلاً عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تغريدة مصحوبة برسم بياني جاء فيها «النساء يقدمن 66 بالمئة من العمل وينتجن 50 بالمئة من الطعام ويحصلن على 10 بالمئة فقط من الدخل ويمتلكن واحداً بالمئة من الأصول. يمكننا تغيير هذا». ومن الغريب أن هذه البيانات الإحصائية منتشرة منذ عقود رغم الجهود الدائبة للباحثين في دحضها بسبب عدم دقتها المثيرة للسخرية. لكن الناس يريدون في الغالب تصديق ما يؤكد تحيزاتهم فيما يبدو. ومع الاحتفال بيوم المرأة دعنا نفحص هذه الحقائق. ومن المثير للدهشة أن معظم هذه الحقائق الخاصة بنسبة 66 بالمئة من العمل و10 بالمئة من الدخل وواحد بالمئة من الأصول، تعود إلى بحث مبهم يعود إلى نهاية سبعينيات القرن الماضي. ووجد فيليب كوهين أستاذ علم الاجتماع في جامعة ماريلاند في عام 2011 أن هذه المعلومات تعود إلى صحيفة كانت تنشرها منظمة العمل الدولية عام 1978. ودون أي استناد إلى مصادر، تؤكد الصحيفة التالي: «يكشف استخدام مؤشرات اقتصادية واجتماعية معينة أن النساء يشكلن نصف سكان العالم، وثلث قوة العمل الرسمي، ويؤدين ما يقرب من ثلثي ساعات العمل.. لكنهن وفق بعض التقديرات يتلقين 10 بالمئة فحسب من الدخل في العالم، ويمتلكن أقل من واحد بالمئة من الأصول في العالم». ورغم وفرة الأدلة التي تشير إلى أن هذه بيانات مريبة، فإن عدداً من المنظمات تستشهد بها خبط عشواء دون إسنادها لمصدر في الغالب. وعندما يذكر المصدر، فعادة ما يشار إلى تقرير ما صادر عن إحدى وكالات الأمم المتحدة التي لا تقدم هي نفسها مصدراً للمعلومة. وفي حالة «أوكسفام»، أشار مسؤولون إلى نشرة «حقائق سريعة» صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في يوليو 2011. وتحت بند «حقائق» توجد العبارة التالية دون إسناد: «النساء يقمن بنسبة 66 بالمئة من العمل في العالم، وينتجن 50 بالمئة من الغذاء، ويحصلن على 10 بالمئة من الدخل ويمتلكن واحد بالمئة فقط من الأصول». لكن «بواز بالدي»، المتحدث باسم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أكد أن «هذه الحقائق المقتبسة خاطئة، والبرنامج لم يستخدم هذه الإحصاءات منذ عام 2011. وعلاوة على هذا، لم يدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هذه الإحصاءات». ومن الجيد أن تعترف «أوكسفام» وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بنشر بيانات مغلوطة. لكن يتعين عليهما تصحيح هذه المعلومات بوضوح. ولا يكفي مجرد حذف الرابط. لكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لم يوضح أن وثيقة «حقائق» السابقة كانت خاطئة، ولذا ظلت تتناقلها أمواج الانترنت. وتؤكد «لورا روسو»، المتحدثة باسم «أوكسفام أميركا»، على أهمية الإحصاءات في تحريك الجدل العام الذي يؤدي إلى التحرك لمعالجة تحديات الفقر والظلم حول العالم. لكنها أضافت: «ندرك أيضاً أن مثل هذه الإحصاءات لن تجدي نفعاً ما لم تكن دقيقة، ولذا لم نعد نستخدم هذه الأرقام». وفي مارس الماضي، عندما نشرت «أوكسفام» الرسم التوضيحي الذي يصور هذه النسب، كتبت الباحثة تشيريل دوس من جامعة يل في مدونة لأوكسفام أن الزعم بشأن ملكية الأصول «بلا أساس في الواقع، والمدافعون عن القضية يسيئون إليها باستخدامهم هذه البيانات». وأشارت «دوس» إلى ورقة بحثية شاركت فيها مع آخرين، استندت على دراسات في أفريقيا. وتوصلت الورقة البحثية إلى أنه في 10 دول أفريقية في المتوسط هناك «12 بالمئة فقط من النساء ذكرن أنهن يمتلكن أراضي». إذن، فالرجال بصفة عامة يمتلكون أصولاً أكثر من النساء. لكن النساء أيضاً يمتلكن أصولاً أكثر بكثير من واحد بالمئة. أما حقيقة كون النساء يحصلن على 10 بالمئة فقط من الدخل في العالم، فمن الواضح أن النساء يكسبن أقل من الرجال، لكن هناك دراسة توصلت الى أن نصيب النساء من الدخل العالمي يبلغ نحو 36 بالمئة. وذكرت دراسة ليونيسيف عام 2007 أن النساء يحصلن على 23.5 بالمئة من الدخل. وهذه فجوة كبيرة تستحق الاستهجان لكنها أعلى بكثير من نسبة 10 بالمئة. وهناك دراسات تطعن في حقيقة مساهمة النساء في إنتاج 50 بالمئة من الطعام، وغير ذلك من الأرقام التي أوشكت أن تتحول إلى مسلّمات! ------------------------------ *عضو في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي ----------------------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»