من المرجح أن يتم انتخاب «لويس ألماغرو»، وزير خارجية أوروجواي السابق، لمنصب رئيس منظمة الدول الأميركية، التي تضم 34 عضواً، في اقتراع سري يتم إجراؤه في 18 مارس، ليمنع بذلك ظهور مرشح منافس في اللحظة الأخيرة. وقد أجريت مؤخراً مقابلة مع «ألماغرو»، الذي يعتبر حتى الآن هو المرشح الوحيد لشغل هذا المنصب، والذي يقول إنه يحظى بدعم 20 من الدول الأعضاء بالمنظمة. وقد تركن لديَّ بعض الأسئلة المثيرة للقلق حول ما إذا كان، في حال انتخابه، سيتمكن من بث الروح من جديد في المنظمة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، والتي أصبحت الآن عديمة القيمة. ولكي نكون منصفين، يلزمنا الاعتراف بأن منظمة الدول الأميركية لا تزال هي المؤسسة الأكبر وربما الأكثر أهمية مقارنة باتحاد دول أميركا الجنوبية، وهي مجموعة مقرها الإكوادور وتضم دول أميركا الجنوبية وتم إنشاؤها لاستبعاد الولايات المتحدة والمكسيك من التأثير في القرارات الإقليمية. وبالنظر إلى دوره في الأزمة السياسية في فنزويلا، فإن اتحاد دول أميركا اللاتينية قد أصبح بحكم الواقع مجتمعاً للحماية المتبادلة للأنظمة السلطوية. أما منظمة الدول الأميركية، فلديها ميثاق ديمقراطي، ولجنة محترمة للغاية لحقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، فإن المنظمة تضم أكثر من عشر وكالات للأمن والتعليم ومكافحة المخدرات. ولكن في السنوات الأخيرة، طغى اتحاد دول أميركا اللاتينية على هذه المنظمة في الأزمات الإقليمية الرئيسية. وعندما أمرت الحكومة الفنزويلية مؤخراً بإلقاء القبض على رئيس بلدية كراكاس «أنطونيو ليديزما» ودعت المعارضة إلى القيام باحتجاجات حاشدة، بادرت دول أميركا الجنوبية -بناء على طلب فنزويلا- بدعوة اتحاد دول أميركا اللاتينية، وليس منظمة الدول الأميركية، لإرسال بعثة للوساطة إلى هذه الدولة. وبالمثل، عندما أدت الاحتجاجات الطلابية في فنزويلا إلى مقتل 43 شخصاً العام الماضي، وألقت الحكومة الفنزويلية القبض على زعيم المعارضة «ليوبولدو لوبيز»، طالبت أيضاً دول أميركا الجنوبية المتعاطفة مع النظام الراديكالي في فنزويلا، اتحاد دول أميركا اللاتينية بإرسال بعثة وساطة إلى هناك. وكما هو متوقع، لم تحصل هذه البعثة على أي تنازلات من الحكومة الفنزويلية، مثل تلبية طلبات المحتجين بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين. وقال المنتقدون إن بعثة اتحاد دول أميركا اللاتينية قد ساعدت في الواقع الحكومة الفنزويلية لكسب الوقت من أجل إضعاف الاحتجاجات. ورداً على سؤال عما سيفعله في حال انتخابه رئيساً لمنظمة الدول الأميركية، قال «ألماغرو» إنه سيعمل على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان -وهو أمر ليس من المستغرب هنا، نظراً لأن حتى أسوأ الديكتاتوريات تزعم أنها تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان- وإطلاق العديد من المبادرات الجديدة، بما في ذلك «مدرسة الحوكمة للأميركتين»، و«منظمة التعليم للدول الأميركية». وحول كيفية تمويل هذه المشروعات، باعتبار أن منظمة الدول الأميركية تعاني من ضائقة مالية، ذكر «ألماغرو» أنه سيستعيد المكانة المالية لمنظمة الدول الأميركية من خلال خفض النفقات، علاوة على الانضمام إلى البنك الدولي والمؤسسات الإقليمية بالنسبة لمشروعات بعينها. وبالتطرق إلى القضايا السياسية، سألت «ألماغرو» عما إذا كان سيدعو للإفراج الفوري عن «لوبيز» وغيره من السجناء السياسيين، كما فعل الأمين العام المنتهية ولايته لمنظمة الدول الأميركية «خوسيه ميجيل أنسولزا» وكذلك الأمم المتحدة مؤخراً. فرد «ألماغرو» قائلًا: «إننا نتعامل مع هذه القضية في إطار اتحاد دول أميركا اللاتينية»، وأضاف أنه في هذا الإطار سيتسنى له دعم أي تغييرات مطلوبة. وعندما لاحظت أنه لا يجيب على أسئلتي، رد «ألماغرو» رداً مسهباً مفاده أنه لن يتمكن من القطع في ردوده حتى يتم انتخابه رئيساً لمنظمة الدول الأميركية. وقال إنه عندما كان يشغل منصب وزير الخارجية، طالب فنزويلا بتقديم «ضمانات قضائية قصوى» لـ «لوبيز»، ولكن «لن نتمكن من التدخل في النظام القضائي لدولة أخرى». وبعد مرور أيام، عقب القبض على «ليديزما»، طلبت من «ألماغرو» تقديم مزيد من التوضيحات، فقال مجدداً: «في هذا الوقت، يبقى السيد إنسولزا هو الذي يشغل منصب الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية، وليس بإمكاني التحدث نيابة عن المؤسسة، ولا حتى من الناحية النظرية». وأضاف أن «هناك وساطة جارية بين حكومة فنزويلا والمعارضة بقيادة اتحاد دول أميركا اللاتينية، والتي نأمل أن تؤتي أكلها». ومن وجهة نظري، فأكثر ما يثير قلقي بشأن «ألماغرو» ليس خطابه المعقد، ولكن بعض الأشياء التي ذكرها. وعلى سبيل المثال، فإنني لست على يقين أن منظمة الدول الأميركية ستتمكن من استعادة دورها كمؤسسة إقليمية رائدة تحت ظل رئيس جديد يبدو على قناعة بأن أزمة فنزويلا يجب حلها «في إطار اتحاد دول أميركا اللاتينية». وما لم يظهر مرشح آخر، ربما نضطر لأن ننتظر حتى بعد انتخاب «ألماغرو» لكي نرى ما إذا كان لديه التزام بالدفاع عن الديمقراطية في المنطقة. أندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»