أستميح قرائي عذراً في أن أؤجل تحليل نتائج الانتخابات الإسرائيلية بحكم الاختصاص، وأن أقدم موضوعاً بحكم الوجدان العروبي له الأولوية المطلقة. إن منطقتنا العربية التي تعاني من مخاطر التوسع الإيراني والتوسع الإسرائيلي ومخططات الفوضى المدمرة وزرع منظمات الإرهاب، قد حسمت أمرها واتخذت قرارها بتغيير مسار الأحداث. عندما تستمع إلى الكلمة التي ألقاها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال القمة الاقتصادية التي عقدت بشرم الشيخ لدعم الاقتصاد المصري، فإنك ستدرك أننا أمام منعطف جديد وأمام إرادة حديدية لإعادة صناعة التاريخ ليسير في مساره القويم نحو مستقبل مجيد. لقد استدعى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مقولة حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه والتي قال فيها إنه لا وجود لأمة عربية من دون مصر ولا غنى لمصر عن أمتها العربية. هذا المعنى تكرر في كلمات أمير الكويت وولي عهد المملكة العربية السعودية، وكان الصدى مجلجلاً على وجوه وزراء الخارجية الغربيين الذين بدا عليهم أنهم يتلقون شرحاً لعناصر التماسك العربي غيّر فهمهم للخريطة العربية وجعلهم يدركون عبقرية الترابط بين أجزاء هذه الخريطة. لم يكن غريباً أن يقوم جون كيري بعد الاستماع لهذه الكلمات بتعديل خطابه المكتوب سلفاً، وليقوم بدوره بترديد كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وليؤكد إدراك الولايات المتحدة مغزى اهتمام القادة العرب بدعم مصر وتعزيز اقتصادها وترسيخ استقرارها وتنمية قواها الشاملة. لقد أدرك الضيوف الغربيون أنهم أمام موقف عربي مصمم على مواجهة التحديات وقهرها، وأن المؤتمر ليس مجرد مؤتمر اقتصادي بل هو مؤتمر لإعادة صناعة التاريخ واسترداد المناعة العربية والقدرة على مواجهة المخاطر التي هدفت إلى تفتيت خريطة الوطن العربي واقتطاع أجزاء منها لمصلحة القوى الإقليمية الطامعة. وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إن التاريخ يعلمنا بأن مصر عندما تكون قوية فإنها تكون قادرة على بث الحياة في الأمة وتجديد نهضتها وقيادة مسيرتها، مضيفاً أن الوقوف مع مصر الحاضر هو لبث الروح في مستقبل الأمة، وما نضعه في مصر اليوم هو استثمار واستقرار للمنطقة سنراه في الغد القريب. وهنا يكون صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قد صاغ رؤية كاملة واستراتيجية شاملة. في كل أقطار العرب، أعتقد أننا جميعاً بحاجة إلى شحذ هممنا، كلٌ في موقعه وفي مجال عمله، لنتجاوب مع هذا النداء لصناعة المستقبل وإعادة الروح إلى لحمة الأمة، لتعود منيعة على الاختراق من الخارج وحصينة في وجه أفكار التطرف والإرهاب. لقد أدرك الغربيون أبعاد كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وفهموا أن مخطط إسقاط العروبة والإسلام السمح سيجد سداً منيعاً عربياً يرده على أعقابه، وواجبنا أن نؤكد قدرة ومتانة هذا السد المنيع بأقوالنا وأفعالنا.