نموذج مثالي لإرساء التعلم الذكي
في غضون عامين من بدء تطبيق «برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي»، استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة، تحقيق العديد من الإنجازات. فوفقاً للمؤشرات التي كشفت عنها وزارة التربية والتعليم مؤخراً، فقد تم تزويد نحو 25 ألفاً من طلبة المدارس بأجهزة لوحية، وازداد معدل المدارس المنضمة للبرنامج خلال العام الماضي بنسبة تقدر بنحو 20%، ليرتفع عددها إلى 147 مدرسة، موزعة في مختلف مناطق الدولة. وقد نجحت الإمارات من خلال تبني استخدام التكنولوجيا الحديثة في التعليم، في توفير بيئة تعليمية محفزة على الإبداع والابتكار، وقد أكد القائمون على البرنامج، تحسن الأداء المدرسي لطلبة المدارس المنضمة إلى البرنامج، لاسيما من ناحية ارتفاع معدل تفاعلهم وتجاوبهم مع العملية التعليمية عوضاً عن اكتفائهم بدور المتلقي، إضافة إلى تعزيز عملية التواصل والتفاعل المباشِرَين بين المعلمين وأولياء الأمور.
إن التقدم الذي يحرزه «برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي» منذ تدشينه، يمثل إضافة وخطوات حقيقية تقطعها الإمارات في طريقها نحو إرساء التعليم الذكي في المدارس والجامعات، من أجل الوصول إلى منظومة تعليمية من الطراز الأول، تتوافق مع أهداف «رؤية الإمارات 2021»، الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة، والقائمة على الاقتصاد المبني على المعرفة. ودولة الإمارات من خلال تطبيق مثل هذه المبادرات، أصبحت قريبة من تحقيق هدفها المتمثل في التحول من التعليم التقليدي القائم على التلقين، إلى التعليم الذكي أو الرقمي الذي ينتهج أسلوب تفاعل الطالب مع العملية التعليمية، ويرسخ ثقافة الإبداع والابتكار لدى الطلاب، بما يضمن تنشئة أجيال جديدة قادرة على مواكبة تغيرات متطلبات سوق العمل المتسارعة، في ظل التقدم السريع الذي يشهده العالم الحديث في مختلف المجالات والصعد، والتي غيرت من طريقة وأسلوب الحياة والعلاقات بين البشر.
وقد دفع نجاح الإمارات على هذا النحو، بالعديد من الجهات الرائدة في مجال التعليم وسوق العمل، إلى النظر إليها كنموذج في الارتقاء بالتعليم والانتقال إلى التعليم الذكي، ودعوة الدول الأخرى بما في ذلك الدول العربية إلى الاقتداء بها. وقد كشفت شركة «كونك مي» الشرق الأوسط للنظم التعليمية، عن توجهها نحو تعميم التجربة الإماراتية، في المنطقة، مؤكدة دور التعلم الذكي في إعداد مخرجات مؤهلة للالتحاق بسوق العمل، وضمان استمرارية تطوير مهارات الكوادر الوظيفية بما يواكب مجريات العصر.
إن المكتسبات التي حققتها الإمارات تثبت رجاحة رؤيتها الاستراتيجية في تطوير التعليم، بلجوئها إلى التعليم الذكي، عبر توفير البنية التحتية اللازمة له، من ناحية الأدوات والأجهزة، مثل الكمبيوترات اللوحية وتجهيز الصفوف الذكية وتزويدها بالتطبيقات الإلكترونية الحديثة، ومن ناحية تطوير المناهج الدراسية لتتناسب مع استخدامات التكنولوجيا، وتفعيل التطبيق العملي لهذه المناهج، وتأهيل المدرسين عبر تطوير مهاراتهم التكنولوجية، والعمل بمبدأ الشراكة بين المؤسسات التعليمية والمؤسسات التكنولوجية الرائدة، وإقامة الفعاليات والأنشطة للتعرف إلى أفضل الممارسات العالمية المطبقة للتعلم الذكي، مثل استضافة الإمارات «ملتقى أفضل التطبيقات في التعلم الذكي» في وقت سابق، والذي يعد الحدث الأول من نوعه في المنطقة، بهدف تعزيز استخدامات التكنولوجيا في التعليم، وتجسير الفجوة الرقمية في التعليم ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة وحسب، بل في المنطقة بشكل عام، للوصول إلى مجتمعات متطورة وقائمة على المعرفة، قادرة على الإسهام في مسيرة التطور الإنساني.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية