تعزيز العلاقات مع أفريقيا
تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تنويع علاقاتها الخارجية، وإقامة علاقات متوازنة مع جميع دول العالم، وتمثل القارة الأفريقية واحدة من دوائر الاهتمام المهمة للدبلوماسية الإماراتية في هذا الشأن، وخاصة في ظل التطور الكبير الذي شهدته القارة خلال السنوات الماضية، وأصبحت معه منطقة جاذبة على المستويين الاقتصادي والسياسي، ما دفع قوى إقليمية ودولية عديدة إلى الاهتمام بتعزيز العلاقات معها. وكانت المباحثات التي أجراها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، مؤخراً، في أبوظبي مع الرئيس ألفا كوندي، رئيس جمهورية غينيا، أثناء زيارته للإمارات، مناسبة لتأكيد هذا التوجه، حيث أعرب سموه عن أمله في أن تسهم هذه الزيارة في تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها لكل ما من شأنه أن يفتح آفاقاً أوسع من التعاون المشترك في كافة المجالات التي تهم الجانبين.
وفي السياق ذاته، عقدت اللجنة المشتركة بين الإمارات وجمهورية جنوب أفريقيا اجتماع دورتها الأولى في أبوظبي، مؤخراً، برئاسة معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة، ومعالي نكوانا ماشاباني، وزيرة العلاقات الدولية والتعاون في جمهورية جنوب أفريقيا، وهو الاجتماع الذي سيؤسس لنقلة نوعية للعلاقات الثنائية بين الدولتين، على جميع الصُّعُد والحفاظ على المكتسبات التي تحققت في العقود الماضية، حيث ناقشت اللجنة دور الحكومات في تأمين البيئة المناسبة للقطاع الخاص وتذليل كل العقبات التي تواجهه للوصول إلى مستويات في التبادل التجاري وحجم استثمار متبادل يتناسب مع حجم اقتصاد البلدين، خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار حقيقة أن هناك نحو 200 شركة جنوب أفريقية تعمل في الإمارات. وقد بلغت قيمة التجارة الخارجية بين الإمارات وجنوب أفريقيا في عام 2014، نحو 10.4 مليار درهم بنمو نسبته 10.6%، مقارنة بنحو 9.4 مليار درهم عام 2013، مما يؤشر إلى تنامي العلاقات بين الدولتين وتطورها.
لعل أهم ما يميّز العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودول القارة الأفريقية بوجه عام أنها علاقات شاملة، حيث لا تتوقف عند حدّ التنسيق السياسي والدبلوماسي فقط، وإنما تمتدّ إلى المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية. فعلى الصعيد السياسي، تعتبر الإمارات أول دولة خليجية تنضم كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، بما ينطوي عليه ذلك من مردود إيجابي للدولة في المحافل الإقليمية والدولية، نظراً لما يمثله الاتحاد الأفريقي على الساحة الدولية بصورة عامة، وعلى الساحة الأفريقية بصورة خاصة. وعلى الصعيد الاقتصادي، تشير الإحصاءات إلى أن قيمة التبادل التجاري بين الإمارات ودول أفريقيا بلغت نحو 25 مليار دولار في عام 2013، وهو ما يمثل نحو 2% من إجمالي تجارة القارة مع العالم.
لقد نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز علاقاتها مع أفريقيا خلال السنوات الماضية، عبر العديد من الأدوات، أبرزها الدعم الإنمائي والمساعدات التنموية، فهي تعتبر من أكثر الدول الداعمة للتنمية في القارة السمراء، وهنا يبرز دور «صندوق أبوظبي للتنمية» في دعم العديد من مشروعات التنمية هناك، سواء عبر القروض أو المنح التي تقدّر بملايين الدولارات إلى العديد من دول القارة التي تواجه أزمات أو كوارث طبيعية في الفترة الماضية، فضلاً عن الاستثمار في العديد من المشروعات الكبرى، وخاصة في مجالات الزراعة والخدمات التجارية، وصناعات المعادن، وقطاع التكنولوجيا والاتصالات. وقد نجحت الإمارات من خلال هذه الخطوات في تعزيز وجودها على الساحة الأفريقية، وكان لها دور إنساني وإنمائي واسع وفعال.
ــ ـ ـ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.