«إم ترتسو» الفاشية
هذه منظمة إسرائيلية تأسست عام 2007 تحت اسم عبري معناه «إذا رغبتم ستبقى الصهيونية أو تنتهي». إنها منظمة فاشية الطابع والأهداف تعمل ضد أي سياسي أو أكاديمي أو أديب أو فنان أو إعلامي يهودي إسرائيلي يطالب بإسرائيل دولة لجميع مواطنيها اليهود والعرب. المنظمة تعتقد أن معنى هذا هو الاعتراف بوجود عرب 1948 داخل حدود الدولة الإسرائيلية وإقرار حقوق المواطنة لهم وهو أمر يمثل في نظرها اعتداءً على الطابع الصهيوني لدولة إسرائيل.
أنشطة المنظمة في المجتمع الإسرائيلي متعددة ما بين مطبوعات وحملات على الإنترنت ومحاضرات ومؤتمرات ومظاهرات وجمع للتبرعات وإصدار تقارير ضد من يخالفونها في الرأي، ومن أشهرها تقرير عن الاتجاهات التي تعتبرها انحرافاً عن القيم الصهيونية في الجامعات والأوساط الأكاديمية، وهي الاتجاهات الفكرية المؤمنة بالديمقراطية وبدولة المواطنة والمساواة بين المواطنين بغض النظر عن ديانتهم أو أصولهم العرقية، وكذلك الاتجاهات الداعية للسلام مع العرب.
يدير المنظمة حالياً «ماتان بيلج» الذي يذكرنا بفلاديمير جابوتنسكي مؤسس تيار الصهيونية التنقيحية المتطرفة في عشرينيات القرن الماضي مع بداية النشاط الصهيوني في فلسطين. إن كليهما ينحوان نحو معاداة المدارس الصهيونية الأقل تطرفاً بغية دفعها للتخلي عن أية أفكار تصالحية تجاه العرب. لقد قاد جابوتنسكي حملات إرهابية مبكرة ضد المدنيين الفلسطينيين واخترع مصطلح الجدار الحديدي أي إنشاء قوة عسكرية شديدة العنف يمثل بطشها جداراً حديدياً يمنع العرب من الاقتراب من المستعمرات اليهودية، كما اتجه للصدام مع قيادة الحركة الصهيونية وأعلن انشقاقه عنها لرفضها التماشي مع رغبته في الإعلان عن الضفتين الشرقية والغربية لنهر الأردن كجزء من الدولة اليهودية المقبلة. لقد قاد بيليج، زعيم منظمة «إم ترتسو»، منذ أسابيع قليلة حملة جديدة ضد المثقفين والأدباء والمفكرين الإسرائيليين الذين يميلون للدفاع عن حقوق الإنسان العربي المقهور والمظلوم، وأطلق عليهم بالعبرية كلمة «شتوليم»، أي المدسوسون في المجالات الثقافية للعمل ضد إسرائيل ومصالحها، وهي نفس الكلمة التي سبق وأطلقها على ألأكاديميين المعنيين بحقوق الإنسان.
ويذكر أن إحدى زعيمات حزب ليكود، وزيرة الثقافة ميري ريجيف، قد اتحدت مع نشاط منظمة «إم ترتسو» في الهجوم على المثقفين اليهود المعارضين لسياسات القمع والتمييز العنصري في الضفة الغربية. وإذا علمنا أن «ليكود» هو التنظيم الحزبي الذي ورث تركة جابوتنسكي فلن نستغرب تحالف زعمائه مع المنظمات الصهيونية الفاشية التي تتصدى بوسائل قمعية وإرهابية للمثقفين اليهود المعارضين. إن المطلوب هو إسكات أصوات هؤلاء الذين تتحرك ضمائرهم ضد فظائع جيش الاحتلال الإسرائيلي وشبيحة المستوطنين الذين يمارسون جرائمهم تحت حمايته. إن الفاشيين في إسرائيل يرمون هؤلاء بتهم الخيانة للدولة ويعتبرونهم جواسيس لإثارة المشاعر الشعبية ضدهم وإرهاب كل من يحاول الانضمام لتوجههم الإنساني. لقد نالت منظمات حقوق الإنسان نصيباً كبيراً من الهجوم الفاشي وفي مقدمتها منظمة تحمل اسم «كسر الصمت» وتُعنى بتركيز الأضواء على جرائم جيش الاحتلال.
ومن ناحية أخرى أطبق الفك الثاني للكماشة الفاشية، وهو الفك الرسمي الحكومي على المثقفين من أصحاب الضمير، فقامت وزيرة الثقافة بتقديم مشروع قانون يقصر تقديم الدعم الحكومي للثقافة على المؤسسات الثقافية التي تظهر الالتزام بالسياسات الحكومية القمعية التي تطبقها حكومة نتانياهو. طبعاً اتخذت الوزيرة أستاراً لهدفها الحقيقي مثل المناداة في ذلك القانون بحرمان أي مؤسسة تنفي عن دولة إسرائيل صفة الديمقراطية من الدعم المالي الحكومي بينما المقصود هو حماية سياسات حكومة اليمين المعادية للقيم الديمقراطية من الانتقادات. إن قوى السلام والديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان تتعرض لموجة جديدة من العنف الفاشي الرسمي وغير الرسمي ليمكن الفتك بالعرب تحت ستار من الصمت.