لعل أهم ما يميز تجربة التنمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، أنها تهتم بالمستقبل، وتسعى باستمرار إلى الانفتاح على التجارب التنموية الناجحة في العالم، والاستفادة منها في بناء اقتصاد قوي مستدام، بما يتوافق مع رؤية «الإمارات 2021» التي تستهدف جعل الإمارات واحدة من أفضل دول العالم في هذا التاريخ الذي يصادف الاحتفال بمرور خمسين عاماً على تأسيس اتحادها. في الوقت ذاته، فإن الإمارات، ومن خلال مبادراتها وفعالياتها المختلفة، تسعى لإقامة حوار عالمي بناء وفاعل حول القضايا التي ترتبط بالتنمية الدولية، والارتقاء بالأداء الحكومي، والتميز في مستوى الخدمات. كان آخر هذه المبادرات تلك التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بعنوان «حوار المستقبل»، تزامناً مع انعقاد القمة العالمية للحكومات التي انطلقت أمس الاثنين في دبي، فهذه المبادرة التي تستهدف إقامة حوار واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع 10 ملايين متابع لسموه، تستهدف في جوهرها تبادل الآراء مع الجمهور، والإجابة عن أسئلتهم المختلفة حول مستقبل التعليم والصحة ومدن المستقبل والخدمات الحكومية وغيرها، وفي الوقت ذاته توضيح رؤية سموه للجيل القادم من الحكومات، الأمر الذي يضاعف من أهمية هذه المبادرة، خاصة أن الحوار يعد منصة لتبادل الأفكار المبدعة التي ستسهم في الارتقاء بالعمل الحكومي، وتشكيل توجهات قيادات المستقبل. ولا شك في أن التفاعل الكبير من جانب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مع مبادرة «حوار المستقبل»، من جانب الخبراء والمتخصصين والأكاديميين من داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها، يشير في دلالاته المهمة، إلى حيوية النموذج الإماراتي في التنمية، والذي يجعل من الإبداع والتميز في العمل الحكومي ركيزته الرئيسة، فالأسئلة التي طرحها المغردون على صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كانت تستكشف ملامح التجربة الإماراتية وعوامل نجاحها، خاصة في مجال التعليم، وخطط تعديل مناهج المدارس والجامعات، وتعزيز الخدمات الحكومية، والتقنيات الذكية ومدى تأثيرها في الوظائف، إلى جانب مفهوم المدن الذكية التي تعتبر مدن المستقبل، وما يرتبط بها من تطوير العمل الحكومي والخدمات عموماً. وتجسد مبادرة «حوار المستقبل»، أيضاً في إحدى دلالاتها المهمة، اهتمام القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة بالتواصل مع المعنيين بالعمل الحكومي من الخبراء والمتخصصين والأفراد العاديين، والتعرف إلى وجهات نظرهم حول كيفية تطوير العمل الحكومي، وفي الوقت ذاته تسليط الضوء على تجربة الإمارات الثرية في الارتقاء بالعمل الحكومي، والمرتكزات التي تستند إليها نحو المستقبل في قطاعات التعليم، والصحة، ومدن المستقبل، والخدمات الحكومية، وغيرها من الخدمات المختلفة، التي ترتبط بسعادة أفراد المجتمع ورفاهيته. مع تحول القمة العالمية للحكومات إلى مؤسسة دولية تعمل طوال العام لتحقيق أهداف عالمية، حيث تصدر البحوث والدراسات المستقبلية وتطلق المؤشرات التنموية، فإن الإمارات تؤكد ريادتها في تطوير العمل الحكومي، ولعل نظرة سريعة إلى سلسلة المبادرات التي تضمنتها القمة العالمية للحكومات في دورتها الحالية تؤكد ذلك بوضوح، كجائزة أفضل وزير على مستوى العالم، وهي مبادرة تستهدف اختيار شخصية وزارية مؤثرة أسهمت من خلال أفكارها أو مقترحاتها في الارتقاء بالعمل الحكومي أو في تميز مستوى الخدمات الحكومية في بلدها، فضلاً عن جائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان، وجائزة الإمارات للطائرات من دون طيار لخدمة الإنسان، وجائزة أفضل خدمة حكومية عبر الهاتف المحمول، وهي جوائز تستهدف مواكبة توجه العديد من الدول نحو مرحلة الحكومة الإلكترونية والذكية.