حكومة المستقبل
لعل العنوان الأهم للتغييرات الهيكلية في الحكومة الاتحادية التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، أول أمس، هو توجه دولة الإمارات العربية المتحدة نحو المستقبل برؤى جديدة تواكب رؤيتها المستقبلية التي تستهدف من خلالها وضع اسمها بين أفضل دول العالم في السنوات المقبلة. إن نظرة سريعة إلى هذه التغييرات التي تضمنت دمج وزارات قائمة، واستحداث وزارات جديدة، وإنشاء مجلس شباب الإمارات، ترأسه وزيرة دولة للشباب لا يتجاوز عمرها 22 عاماً، واستحداث منصب وزير دولة للسعادة، مهمته مواءمة خطط الدولة وبرامجها وسياساتها كافة لتحقيق سعادة المجتمع، ومنصب وزير دولة للتسامح، لترسيخ التسامح كقيمة أساسية في مجتمع الإمارات، وتشكيل مجلس أعلى للتعليم والموارد البشرية، للتخطيط والإشراف على قيادة تغيير كامل في كوادرنا الوطنية المستقبلية.. إلى آخره من التغييرات؛ إنما يؤكد الفكر الإبداعي والاستشرافي للقيادة الرشيدة، وطموحها نحو المستقبل، من أجل تعزيز مكانة الإمارات على خارطة الاقتصادات المتطورة من ناحية، وبناء نموذج تنموي مستدام يجعل من سعادة المواطنين هدفه وغايته الرئيسة من ناحية أخرى.
التغييرات الهيكلية في الحكومة تشير إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة على موعد مع المستقبل، وأنها في طريقها نحو مرحلة جديدة من البناء والتنمية والنهضة الشاملة، مرحلة تعتمد على الإبداع والابتكار، والاستثمار في العنصر البشري، وتطوير منظومة التعليم من أجل قاعدة من الكوادر المواطنة المتخصصة في المجالات النوعية التي تواكب طموح الدولة نحو التفوق. فإذا كان الشباب محور التقدم في أي مجتمع، فإن إنشاء مجلس للشباب يضم نخبة من شبابنا ليكونوا مستشارين للحكومة في قضايا الشباب، إنما يؤكد حرص القيادة على تفعيل دورهم والاستفادة من إمكاناتهم وقدراتهم في مختلف مواقع العمل الوطني. كما أن تشكيل مجلس أعلى للتعليم والموارد البشرية يعكس في جوهره حرص الدولة على الاستثمار في العنصر البشري، باعتباره الثروة الحقيقية، والرهان الحقيقي نحو المستقبل، في دفع مسيرة التنمية الإماراتية قدماً إلى الأمام.
كما أن استحداث منصب وزير دولة للسعادة يؤكد أن فلسفة التنمية في الإمارات تتمحور حول المواطنين وإسعادهم من خلال توفير مقومات العيش الكريمة لهم، وهذا ما يستشعره كل مواطن ويعيشه يومياً، سواء من خلال حرص القيادة على التفاعل المباشر معه والتعرف عن قرب إلى احتياجاته وطموحاته والتجاوب معها وفتح أبوابها أمامه، أو من خلال الخدمات الحكومية المتطورة المقدمة له، أو تمكين المواطن وفتح مجالات العمل والإبداع والابتكار أمامه في كل المجالات، بما يواكب مرحلة التمكين بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، والتي تستهدف العمل على «تهيئة البيئة المبدعة اللازمة لتمكين الفرد المواطن من عناصر القوة اللازمة ليصبح أكثر إسهاماً ومشاركة في مختلف مجريات الحياة الاجتماعية والسياسية والإنتاجية والمعرفية».
حكومة المستقبل، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، هي «حكومة ذات بصيرة.. تستطيع استشراف المستقبل.. والاستعداد له.. واستخدام أدواته.. حكومة لا تفكر في تقديم الخدمات فقط.. بل في بناء مهارات شعبها أيضاً.. وتوفير بيئة لتحقيق الإنجازات، حكومة تجعل سعادة الإنسان همّها وهمّتها وشغلها اليومي»، وهذا هو جوهر التغييرات الهيكلية الحكومية الأخيرة، التي تضع الإمارات على طريق المستقبل، والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط، والانخراط في اقتصاد المعرفة الذي يرتكز على الإبداع والابتكار، بما يعزز مركز الإمارات على خارطة الاقتصاديات المتقدمة، ويرسخ تجربتها التنموية كواحدة من أفضل التجارب في المنطقة والعالم.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية