مسيرة متميزة في خدمة الوطن
تحلّ اليوم الذكرى الرابعة والأربعون لتأسيس «المجلس الوطني الاتحادي»، كإحدى السلطات الدستورية الاتحادية التي لعبت دوراً متميزاً في تكريس التجربة الوحدوية الإماراتية، ورفدها بالأفكار والمقترحات التي ساعدت في دفعها إلى الأمام ونجاحها في الوصول إلى ما وصلت إليه من تقدم وتنمية في المجالات كافة. لقد واكب تأسيس «المجلس الوطني الاتحادي» في الثاني عشر من فبراير عام 1972 مسيرة اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان إحدى المؤسسات الفاعلة في مشروع النهضة الإماراتية على مدار السنوات الماضية، من خلال أدائه الفاعل لاختصاصاته التشريعية والرقابية والسياسية، ومناقشته لقضايا المواطنين واحتياجاتهم، فضلاً عن تعاونه مع الحكومة في وضع السياسات والاستراتيجيات التي تستهدف تمكين المواطنين، وتعزيز مشاركتهم في مختلف مواقع العمل الوطني.
إن مواكبة «المجلس الوطني الاتحادي» لمسيرة النهضة الإماراتية، وتعاونه البنّاء مع الحكومة في تحقيق الأهداف الوطنية يفسر الدعم اللامحدود الذي تقدمه القيادة الرشيدة له، كي يواصل هذا الدور المتميز والبنّاء، باعتباره صوت الشعب والمعبر عن طموحاته وتطلعاته، فالمغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، كان يعتبر المجلس إحدى المؤسسات الاتحادية التي من خلالها تترسخ وتتجسّد المشاركة السياسية للمواطنين للمساهمة في عملية البناء وفي مسيرة التنمية الشاملة المتوازنة، وهي الرؤية نفسها التي أكدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والتي عبّر عنها بوضوح في كلمة سموه بمناسبة اليوم الوطني الرابع والثلاثين عام 2005، بقوله: (المرحلة المقبلة من مسيرتنا وما تشهده المنطقة من تحولات وإصلاحات تتطلّب تفعيلاً أكبر لدور «المجلس الوطني الاتحادي»، وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية، وسنعمل على أن يكون مجلساً أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين، تترسّخ من خلاله قيم المشاركة الحقة ونهج الشورى).
ثم أعاد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، تأكيد هذا المعنى في كلمة سموه بمناسبة اليوم الوطني الرابع والأربعين في الثاني من ديسمبر عام 2015، حينما قال سموه: «إننا حريصون في دولة الإمارات العربية المتحدة على تعميق المشاركة الشعبية وتعزيز دور المجلس الوطني الاتحادي، إيماناً منا بأن للمجلس دوره الكبير الذي يقوم به بكل وطنية ومسؤولية من خلال مشاركته مع الحكومة في إنجاح مشروعات التنمية الوطنية في إطار برنامج التمكين، الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في عام 2005».
وقد مثلت انتخابات «المجلس الوطني الاتحادي» الأخيرة التي جرت في عام 2015 نقلة نوعية على طريق تعزيز المشاركة الشعبية، حيث تمت زيادة أعداد القوائم الانتخابية ليصل عدد من يحق لهم الانتخاب إلى أكثر من 224 ألف ناخب يمثلون الهيئات الانتخابية في جميع إمارات الدولة، بنسبة زيادة تصل إلى 66% مقارنة بانتخابات عام 2011، كما جسّدت هذه الانتخابات فلسفة التمكين السياسي الذي تسير عليه دولة الإمارات العربية المتحدة، تلك الفلسفة التي عبّر عنها بوضوح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمة سموه بمناسبة اليوم الوطني الرابع والأربعين، حينما أشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تسير في الطريق الصحيح لتطوير تجربتها السياسية منطلقة من مبدأين أساسيين: أولهما التدرج الذي يحافظ على توازن المجتمع ويضمن تحقيق كل خطوة نقدم عليها في هذا الشأن من أجل الأهداف المرجوة منها في خدمة الوطن والمواطن، لأن هذا هو ما يهم القيادة، ويقع على قمة أولوياتها فأي تغيير ليس هدفاً لذاته، وإنما لتحقيق مصلحة الناس وتحسين مستوى حياتهم، وثانيهما مراعاة الخصوصيات الثقافية والحضارية للمجتمع الإماراتي، انطلاقاً من أن لكل مجتمع خصوصياته، وأن ما يصلح لمجتمع من المجتمعات في وقت معين ليس بالضرورة أنه يصلح لمجتمع آخر.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية