صون التراث كمقوم للهوية الثقافية والوطنية
يُعَدُّ التراث من أهم عناصر الهوية الثقافية ومقوماتها لأي مجتمع أو شعب أو أمة، فالتراث بأنواعه المختلفة الأدبية والفكرية والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافة والفنون، ثروة حقيقية لأنه يمثل في الحقيقة خلاصة ما خلفته الأجيال السابقة، وفيه الكثير من الدروس والعبر التي تسترشد بها الأجيال اللاحقة في حياتها، لمواصلة مسيرة الأجداد، والبناء عليه من أجل تطوير المجتمع، والأهم المحافظة على وحدته وتماسكه، فالقيم النبيلة، وفي سياقها العادات الحسنة والتقاليد الطيبة، تمثل أحد المشتركات التي تضبط سلوك الأفراد وحركة المجتمع في علاقته مع نفسه وعلاقته مع الآخرين.
وتولي دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية قصوى لموضوع صون التراث، وتنظم سنوياً عدداً من الأنشطة والمهرجانات التراثية، ومنها: مهرجان قصر الحصن، الذي اختتمت فعاليات دورته الرابعة في أبوظبي، أمس، وهو أحد مهرجانات التراث الثرية بمعروضاته وتنوعه، ويستقطب اهتماماً كبيراً، ولا سيما في ظل ما يحتله القصر من مكانة تاريخية في نفس كل إماراتي.
وما يميز مهرجانات التراث في دولة الإمارات العربية المتحدة هو الاهتمام الكبير الذي تلقاه من قبل القيادة الرشيدة منذ نشأة دولة الاتحاد، حيث كان المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الرائد في مجال إحياء التراث والمحافظة عليه، بل والحرص على غرس قيم التراث بأشكاله المختلفة في كل أبناء الإمارات، حتى أصبح موضوع التراث قيمة تحيا مع كل فرد من أبناء هذا الوطن. وتسير القيادة الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، على خطى المؤسس، وتحرص القيادة كل الحرص على تنظيم المهرجانات الخاصة بالتراث ورعايتها، بل هي الحامية لهذا التراث فعلاً.
ولا يكاد يمر مهرجان من مهرجانات الدولة الخاصة بالتراث إلا وتكون القيادة في مقدمة الصفوف، وليس أدل على ذلك من تقدم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، المسيرة الوطنية إيذاناً بانطلاق فعاليات المهرجان بدورته الأخيرة. إن الاهتمام بالتراث الإماراتي له ما يبرره، فالقيادة الرشيدة تدرك تمام الإدراك أن الإرث التاريخي للشعب الإماراتي، هو مقوم الهوية الثقافية، ويمثل حصن أمان يصون هويته الوطنية، ويُعَدُّ دافعاً للأجيال نحو تحقيق مزيد من العطاء والإنجاز. ولصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقولة مهمة في هذا الإطار، يؤكد فيها أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتز بإرثها التاريخي وتعمل على الحفاظ عليه وتعريفه للأجيال الحالية والقادمة، بما يحفظ الهوية الإماراتية العريقة ويصونها، ويرسخ في نفوس الأجيال قيم التحدي والعطاء والبذل والتضحية، التي قدمها آباؤنا وأجدادنا الأوائل.
إن اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بحفظ تراثها يعبّر عن مدى التقدير الذي توليه القيادة الرشيدة لصون مقومات الهوية الوطنية، وإدراكها التام لأهمية ذلك في حفظ تماسك هذا الشعب الكريم ووحدته، وتعزيز التلاحم بينه وبين قيادته التي تبذل كل ما تستطيع من أجل ضمان سعادته وحفظ كرامته ومكانته.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية