«قاعدة ثورموند"
لا يريد «الجمهوريون» في الوقت الحالي اتباع الدستور بل الأعراف غير المكتوبة التي تحكم تصرفات مؤسسات مرموقة مثل مجلس الشيوخ. وهم لا يريدون إتباع كل الأعراف الراسخة بل أحدها فحسب وهو قائم منذ فترة قصيرة ومشوب بالشكوك– إنها «قاعدة ثورموند» التي تشير إلى «عدم الموافقة على تعيينات قضائية في مناصب مدى الحياة في الأشهر الستة الأخيرة أو نحو ذلك للرئيس الذي توشك ولايته على الانقضاء». وكانت السناتورة الديمقراطية ديان فاينشتاين قد أثارت القضية عام 2008 حين أعلنت أن مجلس الشيوخ يجب ألا يمضي قدماً بشأن مرشحين موضع خلاف لمناصب قضائية مدى الحياة بعد يونيو من العام الأخير للرئيس جورج بوش الابن. وجاء الرد من المتحدثة باسم البيت الأبيض في عهد بوش بأن «الشيء الوحيد الواضح بشأن ما يطلق عليه قاعدة ثورموند هو أنه لا توجد قاعد محددة مثل هذه».
وبعد وفاة قاضي المحكمة العليا انطونين سكاليا قبل أيام قليلة ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن القاعدة «تمتد أصولها إلى يونيو 1968 حين اعترض السناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولاينا على تعيين الرئيس ليندون جونسون للقاضي آبي فورتاس كرئيس للمحكمة». ويشتهر ثورموند بشكل أكبر باعتباره منشقا عن الحزب «الديمقراطي» حملت منه المدبرة السوداء لمنزل الأسرة وهي في عامها السادس عشر وأخفى أمر ابنته منها طوال حياته. ولا ينبغي أن تكون قاعدة غير راسخة ولحالة بعينها وارتبطت بشخص عنصري منافق مصدرا للصواب. لكن هذه السابقة الهشة هي ما تستقر عليها حجة «الجمهوريين»، وعدم قدرة الحزب على استيعاب خسارة الانتخابات الرئاسية المتعاقبة يرثى لها. و«الجمهوريون» يهيمنون على الهيئات التشريعية للولايات على امتداد البلاد لكنهم مقتنعون للغاية بضعفهم وعدم شعبيتهم.
والأغلبية المحافظة في المحكمة العليا هي الكابح النهائي لتحركات التغير في القرن الحادي عشر. ولذلك استشاط المحافظون غضباً حين رفض قضاة من قبل التصدي للتغير. وكان سكاليا على خلاف هذا. فقد بذل كل ما في وسعه للقضاء على مشروع أوباماكير وأرسى الحق الفردي في امتلاك الأسلحة النارية من بين إنجازات أخرى. ووفاته أثارت هلعاً. وفقد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتشيل مكونيل رباطة جأشه وأعلن ببساطة أن مجلس الشيوخ لن يبحث ترشيحات أوباما لشغل المنصب الشاغر، قبل 11 شهراً من نهاية ولاية الرئيس. ولكن «الجمهوريين» لا يعتقدون أن لديهم فلسفة سياسية وقضائية تحظى بشعبية، ومازالوا يعتمدون بشدة على الكتلة المحافظة الناشطة في المحكمة لدرجة أن التحول المحتمل لقاضٍ واحد قد يعتبر كارثياً.
فرانسيس ويلكينسون*
ــ ـ ــ ـ ـ ـ
*محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»