ملامح الصحافة الفرنسية
أوروبا: تحامل على سياسة ميركل.. وتنازل لمطالب كاميرون!
لوفيغارو
في صحيفة لوفيغارو ذهب الكاتب «إيفان ريوفول» إلى أن ثمة تحولات في الاصطفاف الأوروبي تجاه تحدي المهاجرين، حيث عنون مقاله بما يفيد أن: «فيكتور أوربان يخلع ميركل من الزعامة»، قائلاً إن ما نراه الآن في السياق الأوروبي هو نهاية عهد وبداية آخر. فقد انتهى عهد النوايا الحسنة، والاستعراض الإعلامي، والتمثيل السياسي. والإشارة هنا، على ما يبدو، إلى مواقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وخاصة منذ انتهاجها سياسة الباب المفتوح أمام المهاجرين القادمين من سوريا والعراق. ولكن، ها هي اليوم تتعرض للنقد والتحامل من كل جهة، بسبب اعتقادها بإمكانية التعايش بسهولة بين شعوب من خلفيات ثقافية وقيمية متباينة، أو حتى متعارضة، بحسب تعبير الكاتب. وفي المقابل، بات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي لم يُخفِ، منذ البداية، يمينيته الشديدة وضيقه وعدم ترحيبه بالمهاجرين، وكأنه هو المرجع الموجِّه لمواقف العديد من البلدان الأوروبية.
ولعل من المفارقات السياسية، التي لم تكن متوقعة حتى أمس القريب، أنه مثلما بات أوربان وكأنه هو الحل هنا في أوروبا، بات الأسد أيضاً وكأنه هو الحل أو جزء من الحل هناك في سوريا نفسها. إذ يخوض الحرب ضد الجماعات الإسلاموية المتطرفة إلى جانب بوتين، وهذا أيضاً رجل آخر لم يكن مرغوباً فيه، قبل أن تفرضه الأحداث، بمعنى من المعاني. بل إن بوتين غطى على أوباما، الذي تحول، هو أيضاً، إلى رمز للقوة الناعمة، والاستقامة السياسية، لا أكثر.
لوموند
ضمن تغطيات صحيفة لوموند للمفاوضات بين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والقادة الأوروبيين حول اتفاق يعزز موقفه في الاستفتاء المزمع إجراؤها حول خروج أو بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، قالت الصحيفة إن الجهود الحثيثة والمفاوضات الماراثونية قد أثمرت في النهاية اتفاقاً يستجيب لتطلعات الزعيم البريطاني المحافظ من جهة، ويضمن أيضاً عدم تمييع جوهر المشروع الأوروبي، من جهة أخرى. فبعد ثلاثين ساعة متواصلة من الحوار الصعب تمكن كاميرون من انتزاع ما يسميه «وضعاً خاصاً» للمملكة المتحدة، وهو ما أذعن له شركاؤه الذين كانوا يسعون بأية طريقة لإنهاء هذه المفاوضات على أي نتيجة أخرى غير الفشل. ومن هنا تصبح الكرة الآن في مرمى كاميرون، حيث سيتعين عليه الدفاع بقوة وبصدق عن هذا الاتفاق، وعن مباهج البقاء في الاتحاد، أمام الناخبين في بلاده، لإقناعهم بالتصويت لمصلحة أوروبا في الاستفتاء، المقرر في 23 يونيو المقبل بحسب ما أكد اجتماع لمجلس الوزراء البريطاني يوم أمس السبت.
وقد هنأ كاميرون نفسه مساء أول من أمس، الجمعة، على الاتفاق، قائلاً إن: «المملكة المتحدة لن تصير أبداً جزءاً من دولة أوروبية متغولة، والبلاد لن تتبنى اليورو، ولن تكون طرفاً في جوانب الاتحاد (شنغن واليورو) التي لا تعمل في الواقع». والأهم من هذا تأكيده أنه لن يكون هناك مجال أبداً لإملاء أو فرض شيء دون أخذ ورد وتفاهم ونقاش يراعي مصالح البلاد. ويشير كاميرون ضمناً في هذه الجزئية الأخيرة إلى تنازل مهم تحصل عليه من شركائه الأوروبيين، هو ذلك المتعلق بالحد من استفادة العمال، غير الأوروبيين، من النفاذ لنظام الإعانة الاجتماعية البريطاني. وفي المجمل قال كاميرون إن «هذا كافٍ بالنسبة لي لخوض حملة "نعم" في الاستفتاء. إن الاتحاد ليس مثالياً، ولكن إعطاءه عرض الكتف والخروج ليس أيضاً حلاً».
ومن هنا، تقول الصحيفة، فقد عمل الأوروبيون ما عليهم لضمان عدم وقوع خروج بريطاني من الاتحاد، المعروف اختصاراً بكلمة «بركسيت»، وقد دافع رئيس اللجنة الأوروبية جان- كلود يونكر بشدة عن مضمون هذا الاتفاق، والإغراءات التي قدمت للإنجليز، دون أن تكون بالضرورة مثيرة لحساسيات وطنية أخرى في القارة، ودون المساس أيضاً بجوهر القيم الكبرى المؤسسة للاتحاد. ولا يخفي كاميرون موقفه الصلب، وربما الصعب، ونفوره الصريح من مركزية القرار الأوروبي حيث قال: «إنني لا أحب بروكسل -مقر الاتحاد الأوروبي- وإنما أحب المملكة المتحدة»، وهو تعبير رد عليه «يونكر»، بطريقة قد لا تخلو من سخرية قائلاً أما «أنا فأحب بروكسل أكثر من حبي لأطراف أخرى في الاتحاد». ومن هنا وحتى حلول موعد الاستفتاء البريطاني المقرر في يونيو ترى الصحيفة أن على التيار الرئيس في المملكة المتحدة إقناع الناخبين بضرورة البقاء في أوروبا، وهو رهان تتفاءل باحتمال كسبه في النهاية.
ليبراسيون
.. وفي تغطية صحيفة ليبراسيون للاتفاق الأوروبي مع كاميرون قالت إن القادة الأوروبيين الـ28 توصلوا أخيراً، بشق الأنفس، إلى اتفاق يروم إبقاء المملكة المتحدة في البيت الأوروبي، حيث اعتبره رئيس المجلس الأوروبي «دونالد توسك»: «اتفاقاً نال الموافقة بإجماع، ومن شأنه إعطاء المملكة المتحدة وضعاً جديداً داخل الاتحاد الأوروبي». وقد تمكن «توسك» و«يونكر»، بعد جهود استثنائية، من إقناع القادة الأوروبيين بقبول هذا الاتفاق. وفي سياق مواقف الزعماء علق رئيس الوزراء الدانماركي عليه مؤكداً أن كاميرون قاتل بكل إصرار وعزيمة لفرض رؤية بلاده، وقد تمكن في النهاية من تحقيق مطلبه. كما وصفه أيضاً رئيس الوزراء التشيكي قائلاً إنه «مقايضة جيدة، وآمل بأن يكون كفيلاً في حد ذاته بضمان بقاء المملكة المتحدة داخل الاتحاد».
وكان القادة الأوروبيون الـ28 قد اجتمعوا منذ يوم الخميس الماضي في بروكسل سعياً لتزويد كاميرون بهذا الاتفاق، الذي يطالب به كشرط لكسب حملة الاستفتاء حول البقاء في أوروبا. غير أن الصحيفة ترى أن المعركة لم تنتهِ بعد، حيث إن مهمة كاميرون في تسويقه لناخبية ما زالت صعبة، وهو يواجه في بلاده تياراً قوياً للغاية من المتشككين في أوروبا، والداعين للخروج منها، وهو تيار مستشرٍ حتى في حزب المحافظين نفسه، الذي يتزعمه رئيس الوزراء كاميرون. وفي الجانب الآخر، ولطمأنة بقية أوروبا، أكد «يونكر» أيضاً أنه لن يكون هناك «فيتو» للندن داخل الاتحاد. ومن المعروف أن فرنسا بشكل خاص تعارض أن يكون لبريطانيا حق «فيتو» ضد دعم «اليورو» لأنها ليست عضواً في منطقة العملة المشتركة.
إعداد: حسن ولد المختار