يرى «بيرني ساندز» سيناتور ولاية فيرمونت والمتسابق على ترشيح الحزب «الديمقراطي» لخوض الانتخابات الرئاسية في «الأخوين كوخ»: تشارلز وديفيد كوخ عدوين لكل ما يمثله. ورد «تشارلز كوخ» الرئيس والمدير التنفيذي لشركة «كوخ أنداستيريز» بسرد ما يتفق عليه وما لا يتفق عليه مع ساندرز. ومن الواضح أن الشخصين بحاجة إلى محادثة وجهاً لوجه لأنني لست متأكداً من أنهما يفهمان أحدهما الآخر، فكوخ وساندرز يتفقان على أن الولايات المتحدة مجتمع من طبقتين تحصد فيه قلة مميزة قسماً غير متناسب من المزايا، لكن «كوخ» يرى أن السبل تتفرق به و«ساندرز» عندما يتعلق الأمر بالحل، وأكد «كوخ» أنه لا يتفق مع رغبة «ساندز» في «توسيع سيطرة الحكومة الاتحادية على حياة الناس، فهذا ما يقيم حواجز كثيرة على الفرص في المقام الأول». وأنا لست متأكداً أيضاً من أن «كوخ» و«ساندرز» يتحدثون عن نفس النوع من الاشتراكية. وبقدر ما أستطيع أن أستنتج من تصريحات «ساندرز» العامة فإنه يدافع عن النوع الأوروبي الحديث من الاشتراكية التي تكفل فوائد محددة للجميع مثل الرعاية الصحية والتعليم العالي. وتوفير هذا لا يتطلب حقاً «حكومة كبيرة» على الأقل ليس حكومة أكبر من تلك التي لدى الولايات المتحدة بالفعل، فموظفو الحكومة الأميركية يمثلون 14.6 في المئة من قوة العمل وفقاً لأحدث البيانات الرسمية الصادرة عام 2008، وهذه الحصة ليست أقل بكثير من حصة فرنسا التي تبلغ 20 في المئة عام 2014 وفقاً لبيانات صادرة عن منظمة العمل الدولية أو ألمانيا التي تبلغ النسبة فيها 15.4 في المئة لكن هذه الدول لديها نظام رعاية صحية شامل وجامعات عامة بلا رسوم دراسة تقريباً. والطريقة الأخرى لمقارنة حجم الحكومة يتمثل في حساب إنفاق الحكومة كجزء من الناتج الاقتصادي، والحكومة الأميركية تنفق أقل لكن ليس أقل بكثير من بعض الدول الأوروبية التي تقدم الخدمات «الاشتراكية»، وأشارت «هيرتيج فاونديشن» إلى أن الإنفاق الأميركي العام بلغ 38.9 في المئة من الإنتاج المحلي الإجمالي مقارنة مع 44.3 في المئة في ألمانيا وإسبانيا، لكن فرنسا تنفق 57 في المئة، وما يقترحه «ساندرز»، وما يروق جمهوره فيما يبدو في حدود إمكانيات الحكومة الأميركية الحالية، وخبرة الحكومات الأوروبية تضيء الطريق. و«كوخ» إما أنه لا يدرك هذا أو يجنح إلى تجاهله، لكن «كوخ» مصيب في أن الإصلاحات التي يريدها ساندرز ليست كافية في جذريتها، و«ساندرز» يريد توفير تعليم جامعي مجاني بفرض ضرائب على المعاملات المالية ورعاية صحية مجانية بسد الثغرات في الضرائب لدى الشركات. وهذا سيتتبع جعل الحكومة أكبر فيما يتعلق بالإنفاق كجزء من الإنتاج المحلي الإجمالي، لكن كان يجب عليه أن يتحدث عن إحلال البرامج الاجتماعية والمخصصات المالية غير المتسقة بأنظمة أكثر حداثة واتساقاً وربما أكثر وضوحاً ومنطقية من تلك الموجودة في أوروبا. والفوضى الأميركية في اللوائح ناتجة عن عقود من المعارك التشريعية والسياسية، وهذا يجعلها غير كفؤ وملتوية، و«كوخ» محق في هذا، لكن «ساندرز» لا يستطيع التحدث عن تقديم نظام أكثر كفاءة وشفافية لأن هذا صعب سياسياً، وحديثه عن استبدال نظام جديد «للرعاية الصحية للجميع» بدلاً من برنامج أوباما كير يقدم لمنافسته على ترشيح الحزب الجمهوري هيلاري كلينتون أقوى حجة ضده. وقد يجد الاشتراكي «ساندرز» والليبرالي «كوخ» أرضاً مشتركة. وإذا عملا معاً يمكنهما تطبيق «مقصلة تنفيذية» للنظام الحالي وتقليص البرامج التبذيرية والقضاء على «رفاهية الشركات» المكروهة من الجانبين، وعلى أغنى اقتصاد في العالم أن يجد موارد ليجعل الرعاية الصحية شاملة والتعليم مجاناً دون زيادة العبء الضريبي، وقد يبدو هذا يوتوبياً، لأن اقتصاديات ناشئة حاولت إعادة تصميم أنظمة جديدة تماماً، وجاءت النتائج غير متسقة في أفضل الأحوال، لكن بعض التجارب نجحت. وبولندا، وهي أقل الدول اشتراكية في أوروبا الحالية، لديها نظام شامل للرعاية الصحية وتعليم جامعي مجاني، وتنفق حكومتها 42.2 من الإنتاج المحلي الإجمالي. *كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»