نعلم الآن أن «جلوريا شتينيم» و«مادلين أولبرايت» لا تعتقدان حقيقة أنه يتعين على أي ناخب أن يصوت لـ «هيلاري كلينتون» لمجرد أنها امرأة. ولكن هل يعني ذلك أنه يمكننا ألا نفكر في كون «كلينتون» امرأة؟ لا أعتقد ذلك. ولكن السؤال الذي نواجهه وربما أكثر ذكاء وتعقيداً وصعوبة من أن نجيب عليه ليس: «هل نصوت لها لأنها امرأة؟»، وإنما «هل يمكن أن أكون واثقاً من أنني أحكم على هذه المرشحة بصورة ملائمة، في ضوء المعضلة التي تواجهها أي امرأة في موقع المسوؤلية؟». وتخضع كل النساء اللاتي يترشحن لأي منصب في الولايات المتحدة، وكذلك اللائي يشغلن المنصب بالفعل، في فخٍ بين مطرقة أن تكون قائدة جيدة وسندان أن تكون امرأة جيدة! وفي حين أنه من المتوقع أن تكون مميزات القائد الجيد، بأن يكون قوياً وواثقاً وفي بعض الأحيان غاضباً، مماثلة لما نتوقعه من الرجل الجيد، لكنها عكس ما نتوقعه من امرأة جيدة، حيث لابد أن تكون هادئة ومنكرة لذاتها وعاطفية، ولكن من دون أن تغضب. وعليه إذا تحدثت أو تصرفت مرشحة بطريقة متوقعة من امرأة، فإنها تجازف بأن ينظر إليها على أنها غير واثقة من نفسها أو غير ملائمة. وإذا تحدثت أو تصرفت بالطريقة المتوقعة من القادة الرجال، فمن المرجح أنه سينظر إليها على أنها عدوانية، وستكون عرضة لأحكام سلبية أخرى لا تحصى. وعلى سبيل المثال، أي شخص يسعى إلى شغل منصب عام، خصوصاً إذا كان هذا المنصب هو الأعلى في الدولة، فإنه يجب أن يكون «طموحاً»، ورغم ذلك فإن هذه الكلمة قلما تنسب إلى المرشحين الذكور لأنها تبدو من نافلة القول. كما أن الطموح أمر محل إعجاب في الرجل، ولكن في الحقيقة يكون مخيفاً في المرأة. وإذا بحثنا على محرك «جوجل» عن كلمات «طموح»و«بيرني ساندرز»، سنجد عناوين كثيرة تتحدث عن خطط المرشح الطموحة. وينطبق الأمر ذاته على «دونالد ترامب». وعندما تستخدم الكلمة لوصف «ترامب» نجدها إيجابية. ولكن إذا ربطنا الكلمة مع «هيلاري كلينتون»، وبحثنا، سنجد عناوين كثيرة تتهمها بـ «الطموح المطلق» وتنسب إليها «طموحات قاسية» وبأنها «طموحة بطريقة غريبة»، أو أنها طموحة أكثر من اللازم لتتصور أنها ستصبح أول رئيسة من النساء للولايات المتحدة! ـ ـ ـ ـ ـ *ديبوره تانين أستاذة لغويات في جامعة «جورج تاون» يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»