كان وزير الخارجية الأردني مروان المعشر مؤدباً جداً عندما وصف تقرير التنمية الإنسانية لعام 2003 بأنه ينشر غسيلنا الوسخ أمام العالم• جاء هذا الكلام عندما تم تدشين تقرير الأمم المتحدة لهذا العام والخاص بالأوضاع الإنسانية في الوطن العربي• التقرير كما كان متوقعاً لم يعجب المسؤولين العرب حتى أن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى رفض تدشين الكتاب في الجامعة العربية وتم تدشين الكتاب في عمان -الأردن بدلاً من مصر•
أتساءل لماذا يثور القادة العرب وبعض مثقفي السلطة في الوطن العربي ضد تقرير الأمم المتحدة الخاص بالتنمية الإنسانية؟ الإجابة بسيطة وهي أن التقرير الأول الذي صدر في العام الماضي كشف بكل وضوح وبالأرقام مدى تخلف البلدان العربية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وحضارياً• لقد كشف التقرير ارتفاع مستوى الأمية وانتشار الفقر والجهل وتردي مستوى المعيشة في معظم الأقطار العربية• الدول العربية مجتمعة مثلاً لا يعادل دخلها دخل أسبانيا وهي دولة أوروبية متوسطة الحال• إن الدول العربية بانتقادها للتقرير لا تريد لدول العالم ولا لشعوبها أن تعرف أوجه القصور في عالمنا العربي في شتى المجالات، وأرجع السبب إلى غياب الحرية والديمقراطية والانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان•
ما هي أهم النقاط في التقرير الجديد هذ العام؟ لم تتسن لنا قراءة التقرير، لكن ما كتبته الصحافة العربية والأجنبية يؤكد استمرار الدول العربية في انتهاكات حقوق الإنسان العربي• المشكلة الجديدة هي أن الدول العربية في حملتها الكبيرة ضد الإرهاب والإرهابيين تقوم بانتهاك حقوق الحريات وتسيئ استخدام صلاحياتها لتمتد مثلاً إلى تشديد الرقابة وتقييد الوصول إلى المعلومات عن طريق الأنترنت وتحظر الدول طباعة أية مادة قد تفسر على أنها تشجع الإرهاب• الدول العربية لديها ميثاق لتحركاتها الأمنية، هذا الميثاق لا يحرم الاحتجاز والتعذيب ولا يتيح الفرصة للمتهم للاعتراض على قانونية اعتقاله• الحكومات العربية طوال هذه الأعوام السابقة تتذرع بالاعتبارات الأمنية وحفظ الأمن والاستقرار لتكبيل حركة المواطنين ومصادرة حقوقهم وحرياتهم وزج الكثير منهم في السجون بدون محاكمة•
التقرير الذي شمل 21 دولة عربية ومنها منظمة التحرير الفلسطينية ركز على أهمية نشر المعرفة لأهميتها في عالمنا المعاصر• فبدون انتشار المعرفة بكل أبعادها لا يمكن للأوضاع في الوطن العربي أن تتحسن• وأكد التقرير على غياب المنافسة السلمية الحرة في الأسواق العربية• كما أدى غياب الشفافية والمساءلة في عدد من البلدان العربية إلى وضع باتت مصالح النخب السياسية ورجال الأعمال متلاحمة بل متطابقة، مما قاد إلى تقليل الميزة التنافسية مع توظيف المعرفة•
أكد التقرير هذا العام كذلك على أن نسبة الأمية في الوطن العربي لا تزال مرتفعة خصوصاً بين النساء العربيات وأن الأطفال العرب يفتقدون إلى أبسط وسائل التعليم وأن الإعلام والصحافة العربية لا تزال تعمل في بيئة تمنع حرية التعبير والكتابة في الصحافة، ويتعرض الكتاب والصحفيون للمضايقات وأحياناً للسجن بسبب الآراء التي يحاولون التعبير عنها• بالنسبة لوضع المعرفة في الوطن العربي أكد التقرير أن هنالك 18 كمبيوتراً لكل 1000 شخص في الدول العربية مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يصل إلى 78 كمبيوتراً لكل 1000 شخص• بالنسبة لاستعمالات الأنترنت في الوطن العربي فهي لا تتعدى نسبة 2% مقارنة بالولايات المتحدة التي تصل نسبة مستخدمي الأنترنت 78% من الشعب الأميركي• وأخيراً أشاد التقرير ببعض الدول العربية التي سمحت للمرأة بالمشاركة السياسية في البرلمان•