الانقلاب التركي ومزاعم المغرضين
لماذا يحاول المغرضون الزج باسم الإمارات في أزمات تقع في المنطقة؟ ولماذا يحاول البعض التصرف بطريقة تعكس سوء نية وضغائن كثيرة تجاه الإمارات، البلد الذي اعتاد مد يد العون إلى الآخرين، وأن يبعث رسائل السلام إلى الجميع.
ما حدث في تركيا خلال الآونة الأخيرة اختبار للديموقراطية اجتازه الشعب التركي بجدارة. والانقلاب الفاشل وما تلاه من تطورات شأن تركي لم يكن للإمارات ناقة فيه ولا جمل. بل على العكس يصل حجم استثمارات الدولة في تركيا إلى مليارات الدولارات، ناهيك عن أن الكثير من مواطني الدولة يمتلكون عقاراً أو أكثر في تركيا، والإمارات تضع هذه الاستثمارات محل اعتبار.
ولعل تصريح السفير التركي لدى الدولة يؤكد عمق العلاقات بين تركيا والإمارات، ويدحض الاتهامات التي لا تعكس سوى أوهام لا أساس لها من الصحة.
فتركيا الدولة العلمانية كانت من ضمن الدول التي تشكو الفساد والترهل الإداري والديون المتراكمة، استطاعت أن تتخطى كل هذه المشاكل وتتحول إلى دولة ناجحة، وتنافس الدول المتقدمة ليحتل اقتصادها مراتب متقدمة، وصارت من بين مجموعة الدول العشرين الأكثر نجاحاً من الناحية الاقتصادية.
فلا بد لمثل هذا النموذج الذي نجح اقتصادياً أن يكون محفزاً لدول عربية كثيرة ما زالت ترزح تحت وطأة الديون والفشل الاقتصادي، نتيجة سوء إدارة الأموال والاقتصاد وبسبب تفشي الفساد في مفاصل الدولة.
ولعل هذا النجاح هو الذي حفز الدولة ومواطنيها للاستثمار في تركيا واعتبارها وجهة ليعتد بها في نجاح المشاريع وضمان عائدها المادي دون مخاطر كثيرة تذكر مقارنة بغيرها من الدول العربية.
ولعل الفشل الذي انتهى إليه الانقلاب سيعمل على ترسيخ فرض الأمان والسلامة، بعد أن كانت الأراضي التركية مستهدفة من أعمال إرهابية، مما يشجع على فرص استثمارية أكبر تعمل على ترسيخ رقعة الأنشطة وتنويعها وعدم اقتصارها على العقارات فقط.
هذا الاستثمار يعتبر دعماً مهماً لتركيا، وهو ما نسي أن يذكره أصحاب الاتهامات المعلبة الجاهزة، فليس من دولة لها عداء مع دولة أخرى تسعى للاستثمار فيها وتشجيع الأعمال لديها.
انتهى الانقلاب بفشل رعاته، ونجح الشعب بتقدير امتياز. انحاز الأتراك إلى وطنهم وحده لا لشخص ولا لأي أهواء أو مصالح.. ولعلها المعارضة العلمانية التي حازت على كثير من التقدير حين وقفت كجدار صد ضد محاولة تدمير الدولة التركية. ومن الواضح أن المنطقة لا تحتاج مزيداً من القلاقل، فهي لا تزال زاخرة بالمشاكل والموت والدمار، ووقوع المزيد من الاضطرابات لن يحقق إلا المزيد من الدماء والتراجع لكل دول المنطقة بلا استثناء. ولعلنا أحوج ما نكون اليوم إلى حقن الدماء ومنع الحروب، وتحديد العدو الحقيقي الذي يسعى بكل قوته إلى تقويض هذا الاستقرار الذي صار هدفاً منشوداً لدى الجميع الذي أحبوا بلادهم ويسعون دوماً إلى حمايتها.
*كاتبة إماراتية