الابتكار ?والنموذج ?الإماراتي
حصدت دولة الإمارات العربية المتحدة ما زرعته وأولته اهتماما خاصا منذ سنوات، وذلك في حقل «الابتكار» عندما حققت تقدما مهما على مؤشر الابتكار العالمي لعام 2016 لتحتل المرتبة الأولى عربياً و41 عالمياً من حيث الأداء الشامل، وذلك وفق الإعلان الذي صدر عن المقر الأوروبي للأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية. والمعلوم أن مؤشر الابتكار العالمي يقيس أداء 128 دولة واقتصاد في حقل الابتكار بناء على 82 مؤشرا فرعيا تساهم في النمو والازدهار الاقتصادي للبلدان. ويأتي هذا التطور الكبير في إطار استراتيجية دولة الإمارات لتتبوأ مركزها ضمن أفضل عشر دول في العالم على مؤشر الابتكار العالمي بحلول اليوبيل الذهبي لقيام دولة الاتحاد تطبيقاً لرؤية الإمارات 2021. وقد أثبتت دولة الإمارات تميزها وحسن بصيرتها من خلال الرؤية المستقبلية الثاقبة لقيادتها الرشيدة، والتي انعكست في العديد من المبادرات الوطنية ذات الصبغة العالمية في مجال الابتكار. وتمثلت أولى تلك المبادرات في إعلان الاستراتيجية الوطنية للابتكار عام 2014، والتي تركز على أربعة مسارات متوازية، تشمل 30 مبادرة وطنية تعمل الحكومة على تحقيقها، وتركز على سبعة قطاعات وطنية رئيسة هي: الطاقة المتجددة والنقل والتعليم والصحة والتكنولوجيا والمياه والفضاء. ?ثم ?جاء ?إعلان ?صاحب ?السمو ?الشيخ ?خليفة ?بن ?زايد ?آل ?نهيان ?رئيس ال?دولة ?– ?حفظه ?الله – ?بتخصيص ?عام ?2015 ?بكامله ?للابتكار ?مما ?أعطى ?زخماً ?قوياً ?لمسيرة ?مبادرات ?الابتكار ?في ?الدولة.
وتزامن ذلك مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي – رعاه الله – بتنظيم أسبوع الإمارات للابتكار كأحد الأحداث الوطنية للاحتفال بالابتكار على كافة المستويات، وهو يٌعتبر واحدا من أكبر مبادرات الابتكار في العالم، ومجهودا موحدا من قبل الحكومة والقطاع الخاص والأفراد للمساعدة على نشر ثقافة واسعة النطاق للابتكار في الدولة، وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار. ?وهناك ?أيضاً ?مركز ?محمد ?بن ?راشد ?للابتكار ?الحكومي ?الذي ?يهدف ?لتحفيز ?وإثراء ?ثقافة ?الابتكار ?في ?القطاع ?الحكومي ?من ?خلال ?وضع ?منظومة ?متكاملة ?للابتكار، ?بحيث ?يصبح ?ركيزة ?أساسية ?من ?ركائز ?حكومة ?دولة ?الإمارات ?العربية ?المتحدة، ثم هناك «مؤشر أبوظبي للابتكار»، الذي يمثل أداة استراتيجية وطنية فعالة، ترتكز على مفاهيم المؤشرات الأساسية التي ترصد حركة الاقتصاد في مجال الابتكار وقدرته الفعلية على استغلال كافة الإمكانيات المتاحة في هذا المجال. ويٌعتبر مؤشر أبوظبي للابتكار الأول من نوعه على مستوى المنطقة، ويشمل الأسس التالية: الحصول على المعرفة، ترسيخ المعرفة، نشر المعرفة، خلق المعرفة واستغلال المعرفة. ويركز المؤشر على قدرة إمارة أبوظبي – حسب المعايير الدولية – على بلوغ المعرفة اللازمة للابتكار وترسيخ تلك المعرفة ونشرها في قطاعات الاقتصاد المختلفة، وذلك لتحقيق الهدف الاستراتيجي الأسمى وهو التحول الكامل للاقتصاد القائم على المعرفة.
ونستطيع القول إن استراتيجية الدولة في مجال الابتكار تؤتي ثمارها بصورة ملحوظة في تشجيع المواطنين والمقيمين والجهات الرسمية على بذل الجهود والاستثمار في مجالات ابتكارية متعددة. فنجد على سبيل المثال مبادرة مدينة «مصدر» الابتكارية العالمية في مجال الطاقة الشمسية والخاصة برحلة طائرة «سولار إمبلس» حول العالم، إضافة لتطوير تقنية عالية الجودة وبالغة التعقيد، تركز على حماية الطيور الصغيرة. أضف إلى ذلك ابتكار جهازين أحدهما لتحلية المياه باستخدام الطاقة المتجدّدة، والآخر عبارة عن بوابات أوتوماتيكية لفتح وإغلاق مصارف مياه الأمطار وصيانتها إلكترونياً، وذلك بهدف توفير الطاقة، والتحكم الإلكتروني في الأعمال المدنية والعديد من الأمثلة الأخرى التي تؤكد أن بيئة الابتكار التي أرستها القيادة الرشيدة لدولة الإمارات قد وضعت الدولة في مصاف أبرز الدول ذات التاريخ العريق في مجالات الابتكار الأمر الذي يٌبشر بمستقبل مزدهر قائم على اقتصاد المعرفة.
د.عبدالله محمد الشيبة*
*باحث إماراتي