دولة الإمارات دائماً ما تطلق حزمة برامج فاعلة وجدية في شتى المجالات حفاظاً على جودة الحياة، والصحية منها على وجه الخصوص، من أهم تلك البرامج، برنامج يستهدف إنقاص الوزن لدى الأطفال تجنباً لمزيد من البدانة المستشرية. هو برنامج مهم وضروري، ويعد من بين البرامج المتميزة على مستوى العالم، لكن من دون تعاون البيت والمدرسة والجهات المختصة لا يمكن تحقيق أهدافه. هذه حقيقة يجب بداية الاعتراف بها. حينما يريد المرء تعريف الوزن الزائد والبدانة والفرق بينهما ماذا يقول؟: الوزن الزائد وفقا للدراسات الطبية، هو الوزن الفائض عن الوزن الطبيعي للشخص بنحو 25 كيلوغراما. أما البدانة فمن الطبيعي أن تكون الوزن الفائض عن الوزن الطبيعي للشخص بنحو 30 كيلوغراما كحد أدنى. زيادة الوزن والبدانة ظاهرة عامة غير حميدة في منطقة الجزيرة والخليج العربي، أطفالنا ونساؤنا ورجالنا غالبيتهم يعانون منها. أول من عرف هذه الظاهرة وطاله بلاؤها، مجتمعات المنطقة في فترة ما بعد النفط، وعواملها عديدة من بينها نمط الحياة في بيئة الرخاء الاقتصادي والرفاه، ومن بينها محدودية الوعي الصحي بسبب قلة المعرفة وتأخر التعليم. قد يقول قائل: هل كانت الصحة أفضل في مرحلة ما قبل النفط؟ الجواب.. لا طبعا، الحياة كانت أصعب وأقسى وفيها أمراض تفتك بالناس، لكن حالات زيادة الوزن والبدانة كانت نادرة. بحسب التقارير العالمية المنشورة، تراوحت نسبة البدانة في أغلب البلدان الخليجية سيما الأطفال، بين الأربعين والخمسين بالمئة. الإمارات جاءت في المرتبة العاشرة عالمياً في البدانة. أربعون بالمئة من الأطفال فيها يعانون من البدانة. نشرت الصحف المحلية أن الفئة العمرية فوق 15عاماً، يعاني 66% من الذكور فيها من البدانة و71? من الإناث. ما الذي يخطر على بالنا حينما نسمع كلمة السمنة أو البدانة؟ أمراض القلب والشرايين والسرطان والجهاز التنفسي ومرض السكر، وحينما نسمع مكافحة السمنة والبدانة، نحدث أنفسنا عن بيئة التغذية السليمة: الطعام الصحي المتوازن الخالي من الدهون ومادة السكر، الرياضة اليومية والنوم الجيد. نتحدث عن دور العائلة التي توفر لأطفالها الطعام الصحي والحب، ودور المدرسة التي تمنع وبصرامة الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والطاقة حفاظاً على أطفالنا رجال الغد. ثبت علمياً أن السكر المضاف إلى هذه المشروبات تتعدى نسبته «9 ملاعق». وهي النسبة الخطرة التي تسبب لدى الشخص الصغير أو الكبير «ضعف المناعة وارتفاع نبضات القلب وضغط الدم وهشاشة العظام وسوء الهضم والصداع الدائم». أعتذر إن كنتُ تسببتُ بشيء من الخوف لكم. لكن الحقيقة ما ذكرته، ومع ذلك أحيلكم إلى وزارة الصحة البريطانية ممثلةً بوزيرة الدولة للشؤون المالية «جين إليسون». قالت إليسون إن زيادة الوزن والبدانة تكلفان الخزينة الصحية «مليارات الجنيهات الإسترلينية سنوياً» بسبب أن السكر المضاف إلى المشروبات الغازية تحديداً يدمر فيتامين «ب» مما يؤدي إلى «سوء الهضم وضعف البنية والاضطرابات العصبية والصداع والأرق والكآبة والتشنجات العضلية». والحقيقة التي يجهلها أغلبنا هي أن المشروبات الغازية «تذهب بالنضارة الطبيعية للبشرة وتزيد التجاعيد والبقع الداكنة».. بالإمكان السؤال أكثر عن هذه العلل المرعبة. الإمارات اليوم تعد واحدة من دول قليلة تحرص على جودة الحياة لأبنائها - مواطنين ومقيمين - فهل تكون غدا الدولة السادسة عالمياً تنضم لبريطانيا وبلجيكا وفرنسا والمجر والمكسيك وتفعل كما فعلوا، تحظر منتج المشروبات الغازية والطاقة الملأى بنسبة قاتلة من السكر، أو على الأقل، تفرض أشبه ما يكون بالضريبة على سبيل المثال، على الشركات المنتجة لهذه المشروبات، ولتذهب العائدات المالية إلى تمويل برنامج «صحة أفضل» لأطفالنا وتلاميذ المدارس؟