الحقوق المدنية.. أجندة جامعة!
أخبرتنا والدتي، أنا وأشقائي الأربعة، عن جهود والدها في تنظيم الناخبين السود في الأحياء الريفية بولاية لويزيانا في حقبة الخمسينيات. وحملنا ميراث والدها من النشاط السياسي معنا، وهو ما جعل حركة الحقوق المدنية حاضرة في الحياة اليومية لأسرتي في ديتريوت أثناء سبيعنيات القرن الماضي. ولن أنسى العمل كي أتمكن من ارتياد كليتي في جامعة «وين ستيت»، وهناك بدأ نشاطي السياسي، وكان الكفاح من أجل العدالة الاجتماعية والاقتصادية مساراً ثابتاً في حياتي. وقادني نشاطي السياسي إلى المنافسة على رئاسة «اللجنة الوطنية بالحزب الديمقراطي»، حيث سأعمل من أجل استعادة تاريخنا كحزب يناصر الطبقة العاملة.
ولسوء الحظ، يواصل بعض خصومي السياسيين تشويه سجلي استناداً إلى حملة تشويه شنّها جناح اليمين، لا تمت بصلة إلى عملي في الكونجرس أو إلى رؤيتي لمستقبل الحزب الديمقراطي.
وقبل 25 عاماً، وتحديداً في 1991، سجلت الكاميرات تعرض «رودني كينج» لضرب وحشي من شرطة لوس أنجلوس. وبلغت معدلات البطالة بين الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية 13?، ودفعت الحرب على المخدرات معدلات المسجونين بينهم إلى مستويات مرتفعة.
وتعاونت مع الشباب في منطقتي بشمال مينابوليس، وشاهدت التحديات التي واجهوها أثناء البحث عن فرصة عمل أو محاولة استئجار شقة. وكنت محامياً شاباً يأمل في إرساء مزيد من العدالة في النظام القضائي الجنائي. وكنت أحاول مساعدة الجماهير في مجتمعي على التنظيم من أجل نيل حياة أفضل.
وشاهدت مسيرة «المليون رجل» باعتبارها محاولة إيجابية، وساعدت على تنظيم مجموعة مينابوليس لحضورها. ومثل كثير من الشباب الأميركيين الأفارقة في حينه، ومنهم الرئيس أوباما، كنت آمل أن تعزز المسيرة التغيير في مجتمعاتنا، وكنت فخوراً بأن أكون جزءاً منها.
وقد أيّد كثير من قادة حركة الحقوق المدنية، من «روزا باركس» إلى «جيسي جاكسون»، وفنانون مثل «ستيفي وندر» و«مايا أنجيلو».. أيدوا ذلك الحدث وتحدثوا فيه. وبالطبع، حضر عدد ضخم من الرجال السود، يقدرون بمليون شخص.
غير أن قيمي التي تربيت عليها، كانت دائماً ترتكز على الاحترام لجميع الناس، ورفض التعصب والعنصرية، وعندما سمعت في البداية انتقاداً لـ«لويس فرخان»، قائد مسيرة «المليون رجل»، شعرت بأن رسالة المسيرة الرامية إلى تمكين الشباب الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية تتعرض لهجوم.
وبدا من الواضح أنني لم أتعمق في الأمر بما يكفي، ودافعت عن منظم المسيرة بالكتابة، لكني تجاوزت اللغة المهينة والمؤذية التي وجهها ضد مجتمعات أخرى.
وفي محاولتي للسعي وراء العدالة من أجل المجتمع الأفريقي الأميركي، أهملت التدقيق في كلمات أشخاص مثل خالد محمد وفرخان، ممن مزجوا رسالة تمكين الأميركيين الأفارقة بتقديم المجتمعات الأخرى ككبش فداء. ومثل هؤلاء الأشخاص يحشدون الناس بغرس الكراهية والانقسام، بما في ذلك معاداة السامية والنموذج الشوفيني للمروءة. وقد أنكرت عليهم ذلك منذ وقت طويل، وأدنت وجهات نظرهم، وقدمت اعتذاراً.
وبعد المسيرة، تذكرت شيئاً قاله والدي لي: «إن أي أحمق يمكنه أن يدمر حظيرة، لكن لابد من نجار لبنائها». وقد كان محقاً. فقد كان يتعين عليّ أن أتكلم قليلاً وأنصت كثيراً.
ولطالما عشت حياة سياسية يحدوها احترام الاختلافات ورفض كافة أشكال العنصرية ومعاداة السامية.. سياسة ترتكز على الاحتواء، وتنظيم المجتمعات المختلفة دفاعاً عن العدالة الاقتصادية للجميع.
وقد بدأت أنصت أكثر، وخلال عملي كمشرع على مستوى الولاية ثم عضو في الكونجرس منذ عام 2002، عملت قدر استطاعتي لبناء الجسور، وعلى محاربة معاداة السامية، وواجهت منكري «الهولوكوست». وقد نظمت عشرات الاجتماعات من أجل الترويج للحوار والمشاريع المشتركة بين الأديان. ودافعت عن الحريات الدينية وحقوق الإنسان للناس من كافة الأديان. ودشنت تحالفات لزيادة المحاسبة في جرائم الكراهية ضد كافة المجتمعات.
وإذا كنا سنمضي بدولتنا قدماً، فنحتاج إلى أجندة تجمع الطبقة العاملة الأميركية سوياً، وليست أجندة تجعل من جيراننا كباش فداء لأن دينهم أو لونهم مختلف.
كيث إليسون
أول نائب ديمقراطي مسلم في الكونجرس الأميركي
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»