بطريقة أو بأخرى، يشبه «إتش آر ماكماستر»، مستشار الأمن القومي الجديد الذي عينه الرئيس دونالد ترامب، الرجل الذي يحل محله، وهو مايكل فلين. فكلاهما يحمل رتبة جنرال بثلاث نجوم في الجيش. وكل منهما شكَّل نظرته العالمية أثناء حرب العراق. وفي المحطات الرئيسية من حياتهما المهنية، كان الجنرالان يرهقان منتقدي التفكير الجماعي. بالنسبة لفلين، كان ذلك يتمثل في تقرير مدمر نشره عام 2010، يحلل فيه جمع المعلومات الاستخباراتية في أفغانستان. أما ماكماستر فقد ألف كتاباً عام 1997 عن إخفاقات القيادة العسكرية في نقل الحقيقة إلى السلطة أثناء حرب فيتنام. بيد أن ماكماستر وفلين مختلفان في تقييمهما لعلاقة أميركا بالإسلام، وتأثير ذلك على الحرب الطويلة على الإرهاب. وفي السنوات الأخيرة، ركز فلين على هزيمة أيديولوجية الإسلام الراديكالي. أما ماكماستر فيركز على جعل المسلمين يقفون ضد تنظيم «القاعدة» وغيره من الإرهابيين. ولنبدأ بفلين. يعتقد هذا الجنرال المتقاعد أن أميركا يجب أن تشن حرباً سياسية ضد الإسلام الراديكالي. وقد تحدث فلين عن الإسلام نفسه كأيديولوجية سياسية في حرب مع القيم الغربية! وكان تهديد الإسلام الراديكالي للغرب هو الموضوع الرئيسي في الكتاب الذي ألفه عام 2016 بعنوان «ميدان المعركة» بالاشتراك مع المؤرخ «مايكل ليدين». وفي مقابلات معي على مر السنين، كان فلين يتبنى وجهة نظر أكثر دقة بشأن هذه القضية أكثر من مسؤولين آخرين يدورون في مدار ترامب. ومع ذلك، فإن نهجه، مثل نهج ترامب، ابتعد عن خطاب بوش وباراك أوباما في التأكيد على الاختلافات بين الإسلام السياسي والقيم الغربية. أما ماكماستر، فقد اتخذ نهجاً مختلفاً. لقد ساعد على إعادة صياغة عقيدة الجيش المكافحة للتمرد خلال حرب العراق، لكي يطبق دروس هذا النوع من المقاربة المختلفة على العالم الإسلامي. وفي رؤية ماكماستر، كان البعد الأيديولوجي يمثل عقبة للقيام بحملة فعالة لكسب قلوب وعقول المسلمين. وقد قال لي «جون ناجل»، وهو عقيد متقاعد يشتهر بكتبه عن مكافحة التمرد، إن «ماكماستر، مثلنا جميعاً، صافح مسلمين قاتلوا ضد الأميركيين وقتلوا الأميركيين ثم غيروا ولاءهم للقتال معنا ضد القاعدة». واستطرد «إنه يدرك أن العالم ليس له بعد واحد، وأن العالم الإسلامي ليس ذا بعد واحد أيضاً. وحتى الناس الذين هم أعداء لنا اليوم ربما يقررون القتال إلى جانبنا غداً». وقد تعاون ناجل مع ماكماستر في كتابة الدليل الميداني لمشاة البحرية في مكافحة التمرد. وفي عامي 2005 و2006، كان ماكماستر يتولى قيادة فوج سلاح الفرسان المدرع الثالث في تلعفر بالعراق، حيث عمل بشكل وثيق مع رئيس البلدية لبناء قوة شرطة عربية سُنية في الوقت الذي كان فيه معظم العرب السنة في العراق مؤيدين أو محايدين تجاه التمرد الأصولي الذي أشعل العراق. وقد أصبح نجاح ماكماستر في تلعفر نموذجاً لـ«الذروة»، وهي خطة كسب ثقة العرب السنة في العراق بقيادة الجنرال «ديفيد بترايوس» في عام 2007 الذي قدم المال ودرب المقاتلين العرب السنة للانضمام إلى الجانب الأميركي ضد «القاعدة» في الجزء الغربي من العراق. وكان جزء كبير من استراتيجية ماكماستر يعتمد على غرس الشعور بالحساسية الثقافية بين القوات. ومنع ماكماستر استخدام الألفاظ النابية أمام العراقيين. وفي هذا السياق قال لي «ستيرلنج جينسين»، الذي عمل مع الضباط الأميركيين في إقامة تحالف مع شيوخ العشائر المحليين ضد «القاعدة»، إن تعيين ماكماستر كان بمثابة رسالة طمأنة للمسلمين. وأضاف «لأكثر من خمس سنوات كنت حلقة اتصال بين ماكماستر ونجم الجبوري، القائد الحالي لقيادة عمليات نينوي المسؤولة عن العملية ضد داعش. ولم يكن هناك أي شخص أكثر تأييداً للجنرال نجم وأصدقاء الولايات المتحدة في العراق من ماكماستر». وأوضح «جينسين» أن «العراقيين والمسلمين لن ينظروا إليه باعتباره شخصاً يكره الإسلام، حتى إن لو نظر إلى إدارة ترامب بهذه الطريقة. إنني لم أسمعه قط يقول أي شيء ضد الإسلام، حيث إنه يتميز باحترام الآخرين». ولكن يخشى بعض حلفاء ماكماستر من أنه لن يتمتع بالسلطة والنفوذ مثل سائر المساعدين السياسيين لترامب، أمثال كبير الاستراتيجيين ستيف بانون الذي يقال إنه يصف الإسلام أحياناً بعبارات غير ملائمة. وهذا يمثل تحدياً جديداً بالنسبة لماكماستر. ------------------ * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»