نجاح كبير لمسابقة المهارات العالمية
حققت مسابقة المهارات العالمية «أبوظبي 2017»، التي بدأت فعالياتها يوم الرابع عشر من أكتوبر الجاري في أبوظبي، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وتنتهي اليوم الخميس، نجاحاً كبيراً، ليس فقط لحجم المشاركة الدولية الواسعة في فعالياتها المتعددة والإشادة بها من جانب العديد من الجهات المشاركة، وإنما أيضاً لأنها سلطت الضوء على طبيعة المهارات النوعية الجديدة التي تحتاج إليها أسواق العمل في المستقبل، وأكدت أهمية التعليم الفني والتقني باعتباره الأساس في تخريج عمالة ماهرة لديها القدرة على القيام بالعديد من المهام واستيعاب ما يطرأ من تقنيّات تكنولوجية في المستقبل، وخاصة أن هذه المسابقة تعتبر من أضخم منافسات التعليم الفني والتقني للمواهب المتميزة في العالم، حيث تضمنت أكثر من خمسين مهارة مختلفة في مجالات مختلفة، تتضمن: تكنولوجيا الهندسة والتصنيع والطيران، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتكنولوجيا الإنشاء والتعمير، والمواصلات والخدمات اللوجستية، والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية، وغيرها الكثير من المجالات التي من شأنها تنمية المهارات المعرفية والعلمية والتكنولوجية لدى الشباب.
وتنطوي مسابقة المهارات العالمية «أبوظبي 2017»، على مردود نوعي في أكثر من جانب، فهي من ناحية تشجع الطلاب على الالتحاق بالتعليم الفني والتقني، من خلال رفع مستوى وعي الشباب والمجتمع الإماراتي بأهمية هذا التعليم الذي بات يمثل أساس النهضة والتقدم في العديد من دول العالم في السنوات القليلة الماضية. ومن ناحية ثانية فإن تنافس أبناء الوطن مع شباب 60 دولة في العديد من المهارات التقنية والتكنولوجية، التي توفرها هذه المسابقة، إنما يمثل فرصة لاكتساب مهارات تنافسية جديدة، فضلاً عن تكوين صورة واضحة عن الحرف والصناعات المهنيّة التي تحتاج إليها أسواق العمل في المستقبل، سواء داخل الدولة أو خارجها. كما أن من إيجابيات هذه المسابقة، أنها تتيح من خلال برنامج «دولة في كل مدرسة»، الفرصة أمام عدد من المدارس الحكومية والخاصة في أبوظبي، لتستقبل كل منها ممثلي إحدى الدول أو المناطق الأعضاء في منظمة المهارات العالمية «»World Skills، في إطار برنامج مميز لتبادل الزائرين، ما يشكل مناسبة للطلاب والمتسابقين المشاركين للاطلاع على تجارب الدول المهمة في التعليم الفني والتقني والارتقاء بمهاراتهم التنافسية. وإضافة إلى ما سبق، فإن أحد المخرجات المهمة لهذه المسابقة يتمثل بالإعلان العالمي الأول الذي أصدره شباب العالم المشاركون في «منتدى الشباب العالمي للتعليم التقني والمهني»، الذي أقيم على هامش المسابقة، وحمل عنوان (نقطة انطلاق وحافز لخطوات عالمية ملموسة)، وهو الذي أكد أن التعليم والمعرفة يسهمان في تعزيز المهارات المهنية اللازمة، وأوصى بزيادة جاذبية التعليم المهني من خلال التركيز على شخصيات ناجحة في هذا المجال، وزيادة التمويل وتأمين مزيد من الفرص في التعليم المهني المستمر، والاستثمار في المهارات التي تتناسب مع احتياجات وظائف المستقبل.
وتشير دراسات كثر متخصصة إلى أن الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم، ستؤثر في أسواق العمل خلال السنوات القليلة المقبلة، سواء لجهة متطلبات ومهارات المهن المختلفة، أو لجهة قلة الوظائف المتاحة، نتيجة الاعتماد المتزايد على الروبوتات والأجهزة الذكية، مكان الإنسان في الكثير من مجالات الحياة والوظائف، وخصوصاً الوظائف الروتينية والإدارية التي لا تحتاج إلى مهارات تخصصية عالية، ولهذا فإن الأولوية للوظائف المتاحة في المستقبل، ستكون من نصيب أصحاب المهارات الفنية والتقنية، باعتبارهم الأقدر على التعامل مع التطورات التكنولوجية الحديثة، وتوظيف مخرجات الذكاء الاصطناعي، وهذا ما تدركه دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعمل على تطوير منظومة التعليم المهني والفني والتقني، والارتقاء بمخرجاتها، كي تسهم في إعداد قاعدة من الكوادر المواطنة تكون قادرة على مواكبة أي مستجدات في أسواق العمل والتوظيف خلال السنوات المقبلة، ولعل ما يدعو إلى الثقة والفخر في هذا السياق، هو المستوى المتقدم الذي أظهره شباب الإمارات الذين يشاركون في مسابقة المهارات العالمية «أبوظبي 2017»، الأمر الذي يؤكد أن الرهان على شباب الوطن في الانتقال بالإمارات إلى مرحلة ما بعد عصر النفط وبناء اقتصاد المعرفة، لم يأتِ من فراغ، وإنما من ثقة بمؤهلاتهم وقدراتهم العلمية ومهاراتهم المعرفية والتقنية.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية